إلخ الإذن للمسلمين بدفاع المشركين عنهم أتبع ذلك ببيان الحكمة في هذا الإذن بالدفاع ، مع التنويه بهذا الدفاع ، والمتولّين له بأنه دفاع عن الحق والدين ينتفع به جميع أهل أديان التوحيد من اليهود والنصارى والمسلمين ، وليس هو دفاعا لنفع المسلمين خاصة. والواو في قوله ولو لا دفاع الله الناس إلى آخره ، اعتراضية وتسمى واو الاستئناف ومفاد هذه الجملة تعليل مضمون جملة (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ) [الحج : ٣٩] إلخ.
و (لَوْ لا) حرف امتناع لوجود ، أي حرف يدل على امتناع جوابه ، أي انتفائه لأجل وجود شرطه ، أي عند تحقق مضمون جملة شرطه فهو حرف يقتضي جملتين. والمعنى:لو لا دفاع الناس عن مواضع عبادة المسلمين لصرى المشركون ولتجاوزوا فيه المسلمين إلى الاعتداء على ما يجاور بلادهم من أهل الملل الأخرى المناوية لملّة الشرك ولهدموا معابدهم من صوامع ، وبيع ، وصلوات ، ومساجد ، يذكر فيها اسم الله كثيرا ، قصدا منهم لمحو دعوة التوحيد ومحقا للأديان المخالفة للشرك. فذكر الصوامع ، والبيع ، إدماج لينتبهوا إلى تأييد المسلمين فالتّعريف في (النَّاسَ) تعريف العهد ، أي الناس الذين يتقاتلون وهم المسلمون ومشركو أهل مكة.
ويجوز أن يكون المراد : لو لا ما سبق قبل الإسلام من إذن الله لأمم التوحيد بقتال أهل الشرك (كما قاتل داود جالوت ، وكما تغلّب سليمان على ملكة سبأ). لمحق المشركون معالم التوحيد (كما محق بختنصر هيكل سليمان) فتكون هذه الجملة تذييلا لجملة (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) [الحج : ٣٩] ، أي أذن للمسلمين بالقتال كما أذن لأمم قبلهم لكيلا يطغى عليهم المشركون كما طغوا على من قبلهم حين لم يأذن الله لهم بالقتال ، فالتعريف في (النَّاسَ) تعريف الجنس.
وإضافة الدفاع إلى الله إسناد مجازي عقلي لأنه أذن للناس أن يدفعوا عن معابدهم فكان إذن الله سبب الدفع. وهذا يهيب بأهل الأديان إلى التألب على مقاومة أهل الشرك.
وقرأ نافع ، وأبو جعفر ، ويعقوب دفاع. وقرأ الباقون (دَفْعُ) ـ بفتح الدال وبدون ألف ـ. و (بَعْضَهُمْ) بدل من (النَّاسَ) بدل بعض. و (بِبَعْضٍ) متعلق ب دفاع والباء للآلة.
والهدم : تقويض البناء وتسقيطه.
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو جعفر (لَهُدِّمَتْ) ـ بتخفيف الدال ـ. وقرأه الباقون ـ