والجملة معترضة بالفاء.
والمغفرة : غفران ما قدموه من الشرك وما يتبعه من شرائع الشرك وضلالاته ومفاسده. وهذه المغفرة تفضي إلى نعيم الآخرة ، فالمعنى : أنهم فازوا في الدار الآخرة.
والرّزق : العطاء. ووصفه بالكريم يجمع وفرته وصفاءه من المكدرات كقوله تعالى : (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [فصلت : ٨] ذلك هو الجنة.
والرزق منه ما هو حاصل لهم في الدنيا ، فهم متمتعون بانشراح صدورهم ورضاهم عن ربهم ، وأعظمه ما يحصل لهم في الآخرة.
والذين سعوا هم الفريق المقابل للذين آمنوا ، فمعناه : والذين استمروا على الكفر ، فعبر عن الاستمرار بالسعي في الآيات لأنه أخص من الكفر ، وذلك حال المشركين المتحدث عنهم.
والسّعي : المشي الشديد. ويطلق على شدّة الحرص في العمل تشبيها للعامل الحريص بالماشي الشديد المشي في كونه يكدّ للوصول إلى غاية كما قال تعالى : (ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى فَحَشَرَ فَنادى) [النازعات : ٢٢ ـ ٢٣] فليس المراد أن فرعون خرج يمشي وإنما المراد أنه صرف عنايته لإحضار السحرة لإحباط دعوة موسى. وقال تعالى : (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) [المائدة : ٦٤].
والكلام تمثيل ، شبهت هيئة تفننهم في التكذيب بالقرآن وتطلب المعاذير لنقض دلائله من قولهم : هو سحر ، هو شعر ، هو أساطير الأولين ، هو قول مجنون ، وتعرضهم بالمجادلات والمناقضات للنبي صلىاللهعليهوسلم ، بهيئة الساعي في طريق يسابق غيره ليفوز بالوصول.
والمعاجز : المسابق الطالب عجز مسايره عن الوصول إلى غايته وعن اللحاق به ، فصيغ له المفاعلة لأنّ كل واحد يطلب عجز الآخر عن لحاقه. والمعنى : أنهم بعملهم يغالبون رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم لا يشعرون أنهم يحاولون أن يغلبوا الله وقد ظنوا أنهم نالوا مرادهم في الدنيا ولم يعلموا ما لهم من سوء العاقبة.
وقرأ الجمهور (مُعاجِزِينَ) ـ بألف بعد العين ـ وقرأه ابن كثير ، وأبو عمرو معجزين ـ بفتح العين وتضعيف الجيم ـ ، أي محاولين إعجاز الله تعالى وهم لا يعلمون.