تعريضا بالتهديد للمشركين المعاندين ليتذكروا أنه لم تشذ عن نصر الله رسله شاذّة ولا فاذّة.
وأهل نوح : أهل بيته عدا أحد بنيه الذي كفر به.
والكرب العظيم : هو الطوفان. والكرب : شدّة حزن النفس بسبب خوف أو حزن.
ووجه كون الطوفان كربا عظيما أنه يهول الناس عند ابتدائه وعند مدّه ولا يزال لاحقا بمواقع هروبهم حتى يعمهم فيبقوا زمنا يذوقون آلام الخوف فالغرق وهم يغرقون ويطفون حتى يموتوا بانحباس التنفس ؛ وفي ذلك كله كرب متكرر ، فلذلك وصف بالعظيم.
وعدي (نَصَرْناهُ) بحرف (من) لتضمينه معنى المنع والحماية ، كما في قوله تعالى: (إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ) [المؤمنون : ٦٥] ، وهو أبلغ من تعديته ب (على) لأنه يدل على نصر قوي تحصل به المنعة والحماية فلا يناله العدوّ بشيء. وأما نصره عليه فلا يدل إلا على المدافعة والمعونة.
ووصف القوم بالموصول للإيماء إلى علة الغرق الذي سيذكر بعد. وجملة (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ) علة لنصر نوح عليهالسلام لأن نصره يتضمن إضرار القوم المنصور عليهم.
والسّوء ـ بفتح السين ـ تقدم آنفا.
وإضافة قوم إلى السوء إشارة إلى أنهم عرفوا به. والمراد به الكفر والتكبر والعناد والاستسخار برسولهم.
و (أَجْمَعِينَ) حال من ضمير النصب في (فَأَغْرَقْناهُمْ) لإفادة أنه لم ينج من الغرق أحد من القوم ولو كان قريبا من نوح فإن الله قد أغرق ابن نوح.
وهذا تهديد لقريش لئلا يتكلوا على قرابتهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم كما روي أنه لما قرأ على عتبة بن ربيعة [سورة فصّلت : ١٣] حتى بلغ (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) فزع عتبة وقال له : ناشدتك الرّحم.
[٧٨ ، ٧٩] (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ