الرأس والكتف على الفراش. وهو افتعال من وكأ المهموز ، إذا اعتمد ، أبدلت واوه تاء كما أبدلت في تجاه وتراث ، وأخذ منه فعل اتكأ لأن المتّكأ يشد قعدته ويرسخها بضرب من الاضطجاع. والاسم منه التّكأة بوزن همزة ، وهو جلوس المتطلب للراحة والإطالة وهو جلسة أهل الرفاهية ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) في سورة يوسف [٣١]. وكان المترفهون من الأمم المتحضرة يأكلون متّكئين كان ذلك عادة سادة الفرس والروم ومن يتشبه بهم من العرب ولذا قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أمّا أنا فلا آكل متكئا» وذلك لأن الاتكاء يعين على امتداد المعدة فتقبل زيادة الطعام ولذلك كان الاتكاء في الطعام مكروها للإفراط في الرفاهية. وأما الاتكاء في غير حال الأكل فقد اتكأ النبي صلىاللهعليهوسلم في مجلسه كما في حديث ضمام بن ثعلبة وافد بني سعد بن بكر : أنه دخل المسجد فسأل عن النبي صلىاللهعليهوسلم فقيل له : «هو ذلك الأزهر المتكئ».
والفاكهة : ما يؤكل للتلذذ لا للشبع كالثمار والنقول وإنما خصت بالذكر لأنها عزيزة النوال للناس في الدنيا ولأنها استجلبها ذكر الاتكاء لأن شأن المتكئين أن يشتغلوا بتناول الفواكه.
ثم عمم ما أعد لهم بقوله : (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) و (يَدَّعُونَ) يجوز أن يكون متصرفا من الدعاء أو من الادعاء ، أي ما يدعون إليه أو ما يدّعون في أنفسهم أنه لهم بإلهام إلهي. وصيغ له وزن الافتعال للمبالغة ، فوزن (يَدَّعُونَ) يفتعلون. أصله يدتعيون نقلت حركة الياء إلى العين طلبا للتخفيف لأن الضم على الياء ثقيل بعد حذف حركة العين فبقيت الياء ساكنة وبعدها واو الجماعة لأنه مفيد معنى الإسناد إلى الجمع.
وهذا الافتعال لك أن تجعله من (دعا) ، والافتعال هنا يجعل فعل (دعا) قاصرا فينبغي تعليق مجرور به. والتقدير : ما يدعون لأنفسهم ، كقول لبيد :
فاشتوى ليلة ريح واجتمل (١)
اشتوى إذا شوى لنفسه واجتمل إذا جمل لنفسه ، أي جمع الجميل وهو الشحم المذاب وهو الإهالة.
__________________
(١) قبله :
وغلام أرسلته أمه |
|
بألوك فبذلنا ما سأل |
أرسلته فأتاه رزقه |
|
.................. الخ |