أو مثل القائلين أو آبائهم في عدم تفطّن المعنى من كلمات الغير كمثل بها ثمّ الّذى ينعق بالبهائم الّتى لا تسمع من الألفاظ الّا دعاء وزجرا ، والمقصود انّ مثل الكافرين بولاية علىّ (ع) في دعائك لهم الى ولايته كمثل بهائم الدّاعى الّتى لا تسمع الادعاء ونداء ، روى عن الباقر (ع) أنّه قال : اى مثلهم في دعائك ايّاهم الى الايمان كمثل الناعق في دعائه المنعوق به من البهائم الّتى لا تفهم وانّما تسمع الصّوت ولا يلزم في التشبيهات المركّبة ان يصحّ التشبيه بين أجزاء الطّرفين فضلا عن التطابق في الترتيب (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) قد مضى بيان لهذه في اوّل السّورة (فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) لتنزّلهم الى مقام المدارك الحيوانيّة وسدّهم روازنها الى العقل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) نادى المؤمنين خاصّة بعد نداء النّاس أجمعين تشريفا لهم كأنّ نداء النّاس كان تقدمة لندائهم ولذلك غيّر أسلوب الأمر بالأكل بنسبة الرّزق الى نفسه وإيقاعه عليهم كأنّهم المقصودون بإيجاد المأكول وتقديم الطيّبات وافادة كون الأمر بالأكل للوجوب أو النّدب هاهنا بإفادة الاباحة من رزقناكم بخلاف سائر النّاس فانّه لا يستفاد من أمرهم الّا الاباحة وبالتّرغيب الى الشّكر بعد الأمر بالأكل كأنّهم لا حاجة لهم الى التّحذير ولا خطوة للشّيطان فيهم ، والإتيان بالشّرط التّهييجىّ بعد الأمر بالشّكر وتعيين المحرّمات كأنّه لا حاجة لهم الى التّحذير منها انّما الحاجة الى تشخيص ما يحترز منه (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) المراد بالشّكر هاهنا صرف النّعمة في وجهها لاستفادة ملاحظة المنعم والانعام في النّعمة من رزقناكم ولذا التفت من التكلّم الى الغيبة كأنّه قال بعد ملاحظة أنعامنا في النّعمة ينبغي التّوجّه الى ما خلقت له بالانصراف من الحضور والتّوجّه الى ما خلقت لأجله (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) شرط تهييجىّ وتنبيه على أنّ المؤمن ينبغي ان يكون كون عبادته مقصورة على معبوده لا ينظر في عبادته الى غيره من الرّضا والقرب والنّعيم والخلاص من الجحيم والأغراض المباحة الفانية والأغراض الفاسدة المحرّمة من الرّيا والسمعة والمناصب والجاه والتحبّب الى النّاس وغير ذلك مسلّما مفروغا عنه (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) والحصر هاهنا ضافىّ يعنى لا ما حرّمتموه بأهوائكم من البحيرة والسّائبة والوصيلة والحام وغير ذلك ممّا لم يرد به نهى من الله (وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) وما رفع الصّوت بسببه لغير الله يعنى ما ذكر اسم غير الله عليه وقوله (لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) اعمّ ممّا ذكر اسم غير الله عليه فالتّخصيص هاهنا بما ذكر اسم غير الله عليه امّا للاهتمام بحرمة هذا القسم لشدّته أو لأنّ عدم ذكر اسم الله لا ينفكّ عن ذكر اسم غير الله فانّ النّفس ان لم تكن مؤتمرة بأمر الله كانت مؤتمرة بأمر الشّيطان وإذا لم تكن متذكّرة بذكر الله كانت متذكّرة بذكر الشّيطان لعدم خلوّها من ايتمار ما وذكر ما ، والتّفسير بذبيحة ذكر اسم غير الله عليها بيان لتنزيل الآية ، ولا يخفى على من استبصر اجمالا بطريق التّأويل تعميم ما أهلّ به لكلّ ما يدخل تحت اليد ولكلّ فعل من افعال القوى يعنى لا تأخذوا ولا تأكلوا ولا تنكحوا ولا تفعلوا صغيرا ولا كبيرا ذكر اسم غير الله أو لم يذكر اسم الله عليه ، وفسّر بما ذكر اسم الله أو اسم غير الله لأجل غير الله يعنى ما ذبح لأجل الأصنام أو لأجل ما نصبوه للعبادة سوى الأصنام (فَمَنِ اضْطُرَّ) الى شيء من هذه المحرّمات (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) من البغية بمعنى الطلب أو من البغي بمعنى الفجور والزّنا ، أو من البغي بمعنى الاستطالة وفسّر في الخبر بطالب الصّيد لهوا وبطالب اللّذّة وبالباغى المستطيل على الامام والعادي المتجاوز عن الحدّ سواء كان التّجاوز عن الحدّ في الامامة بان يقول بامامة امام باطل أو بتشريك امام باطل للإمام الحقّ