ولذا قطعه عن سابقه ، وعامل إذا فعل الشّرط كما هو قول المحقّقين في جميع موارد إذا لا كتب كما قيل ؛ لأنّه للماضي وإذا للمستقبل ، ولا الوصيّة لعدم جواز تقدّم معمول المصدر المعرّف باللّام وان كان ظرفا عليه ، وجوابه محذوف وهو جملة معترضة بين الفعل ومرفوعه اى إذا حضر أحدكم الموت فليوص ، أو جوابه قوله تعالى (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) على القول بعدم لزوم الفاء في جواب إذا ، أو جوابه قوله تعالى (الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ) على هذا القول ، وعلى هذا فجملة (إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) نائب فاعل كتب لانّ فيه معنى القول وجملة ان ترك خيرا معترضة كما كانت معترضة على تقدير حذف جواب إذا ؛ والمراد بالخير امّا مطلق المال أو المال الكثير كما نسب الى أمير المؤمنين (ع) انّه دخل على مولى له في مرضه وله سبعمائة درهم أو ستّمائة فقال : الا اوصى؟ ـ قال : لا انّما قال الله تعالى ان ترك خيرا وليس لك كثير مال وروى هذا الخبر وغيره بهذا المضمون عن طريق العامّة أيضا ، والوصيّة نائب فاعل لكتب وتذكير الفعل لكون الوصيّة مؤنّثا مجازيّا ، ويجوز ان يكون الوصيّة مبتدء وللوالدين خبره والجملة نائب فاعل كتب (وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ) بوصيّة يعرفها العقل والعرف حسنا فانّ المعروف صار اسما لما استحسنه العرف يعنى بوصيّة لا يكون فيها حيف وإضرار بالوارث مثل ان كان له كثير مال يستغنى وارثه ببعضه ويكون الوالدان والأقربون محتاجين ويوصى لهم بما لا يحوج الوارث (حَقًّا) حقّ حقّا مفعول مطلق مؤكّد لنفسه ان جعل مؤكّدا لمضمون كتب ، ومؤكّد لغيره ان جعل مؤكّدا لمضمون الوصيّة للوالدين (عَلَى الْمُتَّقِينَ) بدل من عليكم أو متعلّق بحقّا وعلى اىّ تقدير فهو تنبيه على انّ المنظور في تشريع الأحكام اولو الألباب وهم المؤمنون المبائعون بالبيعة الخاصّة وأمّا غيرهم فلا نظر إليهم في شيء من أحكام البشر ومنافعه وإيجاد الأشياء لأجله الّا تبعا ، وما ورد في الاخبار من نسخ هذه الآية بآية المواريث يدلّ على أنّه كان المقصود من الكتب الفرض وأنّ المنسوخ هو الوجوب لا الجواز والّا ففي آية المواريث ذكر من بعد وصيّة وهو يؤكّد ثبوت الوصيّة لا أنّها تنسخها ، ونسب الى أمير المؤمنين (ع) انّه قال : من لم يوص عند موته لذوي قرابته ممّن لا يرث فقد ختم عمله بمعصية ، ونسب الى الصّادق (ع) انّه شيء جعله الله تعالى لصاحب هذا الأمر قيل : هل لذلك حدّ؟ ـ قال : ادنى ما يكون ثلث الثّلث ، وعنه (ع) انّه حقّ جعله الله تعالى في أموال النّاس لصاحب هذا الأمر قيل : لذلك حدّ محدود؟ ـ قال : نعم ، قيل : كم؟ ـ قال : أدناه السّدس وأكثره الثّلث (فَمَنْ بَدَّلَهُ) اى كتب الوصيّة بان لا يعمل به ويترك الإيصاء للوالدين والأقربين أو من بدلّ الوصيّة الثّابتة من المحتضر سواء كان المبدّل الوصىّ أو الوارث أو الشّهود أو الحاكم ، وتذكير الضّمير باعتبار الإيصاء (بَعْدَ ما سَمِعَهُ) اى فرض الله وحكمه على الاوّل والإيصاء على الثّانى والتّقييد به اشارة الى انّه مثل سائر التّكاليف لا مؤاخذة عليه قبل العلم به (فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) وضع الظّاهر موضع المضمر اشعارا بعلّة الحكم وزيادة زجر منه بتكريره والحصر هاهنا حصر قلب ادّعائىّ فرضيّ فانّه تعالى جرى على طريقة المخاطبات العرفيّة وأهل العرف إذا أرادوا المبالغة في المنع عن شيء أو التّرغيب في شيء يقولون : لا تفعله فليس وباله الّا عليك ، أو افعله فليس أجره الّا لك كأنّ المتكلّم يدّعى انّ فاعل هذا القبيح يعلم انّ على هذا الفعل عقوبة لكن يحسب أنّ عقوبته على غير الفاعل فيفعله فيقول : ليس كما زعمت ليس وباله الّا عليك وهكذا الحال في التّرغيب (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لما قاله الموصى حين الإيصاء أو المبدّلون حين التّبديل (عَلِيمٌ)