بأغراضهم فيجازى كلّا بحسب قوله وغرضه وهو تهديد للمبدّلين (فَمَنْ خافَ) الفاء للتّعقيب باعتبار لازم الحكم اى العلم بالحكم كأنّه قال بعد ما علم الإثم على مبدّل الوصيّة فاعلم انّه لا اثم على مبدّل خاف (مِنْ مُوصٍ جَنَفاً) ميلا عن الحقّ خطأ كما فسّر في الخبر (أَوْ إِثْماً) ميلا عنه عمدا والمراد الزّيادة عن الثّلث ، أو إضرار الوارث بان كان المال قليلا والوارث محتاجا أو حرمان بعض الوارث أو كلّهم (فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ) بين الوارث والموصى له أو بين الموصى والورثة بان غيّر الوصيّة بعد وفاة الموصى أو بان منع الموصى عن الوصيّة بنحو الإضرار حال حيوته ومنع الوارث عن ان يمنعوا الموصى عن الوصيّة الى الثّلث (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) في التّبديل أو في المنع المذكور (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) يغفر ما يتوهّم من الإثم على التّبديل بعد التّسجيل بالإثم على المبدّل (رَحِيمٌ) يرحم ويتفضّل على المصلح رفع للحرج عن المصلح ووعد له بالرّحمة ، والاشكال بأنّ الخوف من المحتمل الوقوع ، لا ممّا وقع وتعلّق خاف هاهنا بما وقع من الوصيّة والجنف فيه مدفوع بأنّ المعنى : من خاف من موص من حيث انّه موص جنفا أو إثما حين ارادة الوصيّة ، أو المعنى : من علم من موص فانّ استعمال الخوف في العلم كثير ولا حاجة الى بعض التّكلّفات والاخبار تدلّ على المعنى الأخير ، فعن الباقر (ع) أنّه سئل عن قول الله تعالى : فمن بدّله قال نسختها الآية الّتى بعدها فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا اثم عليه قال (ع) يعنى الموصى اليه ان خاف جنفا من الموصى فيما اوصى به اليه فيما لا يرضى الله تعالى به من خلاف الحقّ فلا اثم على الموصى اليه ان يردّه الى الحقّ والى ما يرضى الله به من سبيل الخير ويجوز حمل هذا الخبر على التّبديل حال الحيوة ، وعن الصّادق (ع) إذا اوصى الرّجل بوصيّة فلا يحلّ للوصي ان يغيّر وصيّته بل يمضيها على ما أوصى الّا ان يوصى بغير ما أمر الله تعالى فيعصى في الوصيّة ويظلم ، فالموصى اليه جائز له ان يردّها الى الحقّ مثل رجل يكون له ورثة فيجعل المال كلّه لبعض ورثته ويحرم بعضها فالوصىّ جائز ان يردّها الى الحقّ فالجنف الميل الى بعض ورثتك دون بعض ، والإثم ان تأمر بعمارة بيوت النّيران واتّخاذ المسكر فيحلّ للوصىّ ان لا يعمل بشيء من ذلك.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لمّا كان هذا الحكم نوعا آخر من التّكليف غير التّكليف الاوّل الّذى كان في المعاملات وكان من أشقّ العبادات صدّره بالنّداء ليتدارك كلفة التّكليف بلذّة المخاطبة ، وعن الصّادق (ع) انّ لذّة النّداء أزال تعب العبادة والعناء وقد سبق مكرّرا انّ المراد بالايمان في أمثال المقام الايمان العامّ الحاصل بالبيعة العامّة وقبول الدّعوة الظّاهرة وعن الصّادق (ع) انّه سئل عن هذه الآية وعن قوله سبحانه : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) فقال (ع) : هذه كلّها تجمع الضّلال والمنافقين وكلّ من أقرّ بالدّعوة الظّاهرة (كُتِبَ) اى في اللّوح المحفوظ أو في صدر النّبىّ (ص) أو في الكتاب التّدوينىّ الإلهيّ أو فرض (عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) الصّوم والصيّام مصدر اصام يصوم صوما بمعنى الإمساك المطلق لغة وبمعنى الإمساك المخصوص شرعا (كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) يعنى انّها عبادة قديمة كانت واجبة من لدن آدم (ع) فانّه لم يكن نبىّ الّا كان في شريعته إمساك ما ، روى عن أمير المؤمنين (ع) انّ اوّلهم آدم فالتّشبيه في أصل الإمساك المخصوص المشروع لا في جميع مخصّصاته فانّه لم يكن صيامنا موافقا لصيام اليهود والنّصارى في الوقت وعدد الايّام والممسك عنه (لَعَلَّكُمْ