في أدنى الأرض على الفرس ، رغم حالة البؤس واليأس التي وصل إليها الروم ، والقوة والبأس التي يتمتع بها الفرس.
ما علاقة المسلمين بالإمبراطورية الرومانية ..؟.
وما علاقة محمد صلىاللهعليهوسلم بتلك الأمة البعيدة ، والديار النائية ، وأصحابه يسامون أشد أنواع العذاب في مكة ..؟.
وكيف ينزل القرآن بمثل تلك الأخبار العجيبة التي ينكرها العقل المادي ، وتزيد من حدة الصراع بين المسلمين وأعدائهم ، كما تثير على المسلمين طائفة من الشكوك الجديدة في دينهم وأخبار قرآنهم ..؟؟.
ولما ذا يتورط المسلمون في مثل تلك الأخبار ..؟؟.
إلا أنهم لا سلطان لهم على هذا .. ولا دخل لهم ولا لمحمد صلىاللهعليهوسلم ، ولا لأحد من أهل الأرض به.
إنها كلمات خالق السماء والأرض ، والمهيمن عليهما وعلى مقاديرهما ، يريد أن ينبه البشر إلى أن هذا الكلام إنما هو من كلامه ، لعلمه بما جرى ، ويجري ، وسيجري في هذا الكون الذي خلقه وعرف أسراره ، وليس من قول البشر ، ولا من قبيل نبوءاتهم ، بل هو على نقيض كامل لما يمكن أن يتنبأ به أي مخلوق ، في هذا الكون بمثل ذلك الظرف الرهيب العجيب.
إنها كلمات الخالق الحكيم العظيم ، التي يريد أن يجعل منها معجزة دالة على وجوده وقدرته وعلمه وصدق نبيه.
ولذلك قال المؤرخ إدوارد جبن تعليقا على هذه النبوءة : «في ذلك الوقت حين تنبأ القرآن بهذه النبوءة ، لم تكن أية نبوءة أبعد منها وقوعا ، لأن السنين الاثنتي عشرة الأولى من حكومة هرقل كانت تؤذن بانتهاء الإمبراطورية الرومانية».
لو كان هذا الكلام الذي يتلوه محمد صلىاللهعليهوسلم ، ويردده المسلمون من بعده ، لو كان من كلام محمد صلىاللهعليهوسلم ، أو من كلام البشر ، لكان من المحال أن يتنبأ بمثل تلك النبوءة العجيبة الغريبة ، التي تثير الدهشة ، وتبعث في أقل احتمالاتها على السخرية والاستهزاء بالمسلمين وبقرآنهم.