٧ ـ الاخبار عن دخول
مكة
لقد رأينا في الفقرات السابقة كيف أن نبوءات القرآن كلها قد وقعت على نحو ما أخبر به القرآن ، دون أن يتخلف واحد منها.
ومن هذا القبيل ، ومما رأى المسلمون تحققه في زمن وجيز ، وعلى التحديد خلال سنة من تاريخ الإخبار تقريبا ـ ما كان من أمر دخول النبي صلىاللهعليهوسلم مكة.
فقد أخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير الطبري ، وابن المنذر ، والبيهقي في دلائل النبوة ، عن مجاهد قال : «أري رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو بالحديبية ، أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين رءوسهم ومقصرين» (١).
فقص رسول الله صلىاللهعليهوسلم رؤياه على أصحابه ، ففرحوا ، وظنوا أنهم سيدخلون في ذلك العام ، بناء على ما فهموه من رؤيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لأن رؤيا الأنبياء حق ، لا ريب فيه ، بل هي من أنواع الوحي.
إلا أن الأمر جرى على خلاف ما أخبر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ووقع ما لم يكن بالحسبان ، إذ خرجت قريش ، وصدت المسلمين عن البيت ، ومنعتهم من أداء العمرة ، وكادت تكون حرب ، بين المسلمين والمشركين ، وهو الأمر الذي لم يخرج المسلمون له وما أرادوه ، لو لا أن الرسول صلىاللهعليهوسلم رضي الصلح الذي اشتهر بصلح الحديبية ، على أن ينحر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه الهدي في مكانهم ، ويحلقوا رءوسهم ، ويرجعوا ، حتى إذا كان العام المقبل ، يخلي له المشركون الحرم ومكة ثلاثة أيام ، يؤدي فيها نسكه مع أصحابه ، شريطة أن لا يدخلوها بسلاح ، ولا
__________________
(١) الدر المنثور ٦ / ٨١.