يخرج معهم أحد من أهل مكة.
فنحر رسول الله صلىاللهعليهوسلم هديه ، وحلق رأسه ، وقفل راجعا إلى المدينة.
فعز ذلك على أصحابه وآلمهم ، وسر المنافقين ، وأعطاهم مادة جديدة للبلبلة بين المسلمين ، فقال عبد الله بن أبيّ رأس النفاق : والله ما حلقنا ، ولا قصرنا ، ولا رأينا المسجد الحرام .... ، يشير إلى رؤيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم التي رآها ، وأخبر بها أصحابه ، ورؤياه كما هو معروف لجميع المسلمين حق ووحي ، فكيف تخلفت في هذه المناسبة ..؟!.
وعلى الرغم من حرج الموقف ، وعلى رغم ما هو معروف من غدر قريش ، ونكثهم العهود والمواثيق ، وتعطيلهم الأرحام ، نزلت الآية الكريمة ، تؤكد رؤيا رسول الله ، وأنها حق لا ريب فيه ، تحمل نفس المعاني التي رآها رسول الله في المنام ، فقال تعالى :
(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ ، لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ ، مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ، لا تَخافُونَ ، فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا ، فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً).
وفرح المسلمون وهللوا ، وزاد غيظ المنافقين ، وكثر دسهم ، واتسعت دائرة عملهم ، لما عرفوه من مشركي مكة ، من نكثهم للعهود ، ونقضهم للمواثيق ، ظنا منهم بأن قريشا ستنقض عهدها ، ولن تسمح لمحمد وأصحابه بدخول مكة ، وهي التي طردتهم منها ، وحاولت بكل الوسائل قتلهم .. وما تزال تحاول.
ويأبى الله إلا أن يتم نوره ، ويظهر دينه وقدرته ، فثبتت قريش على عهدها ، وجاء العام التالي ، وادخل المسلمون مكة ، واعتمروا ، وحلقوا رءوسهم وقصروا ، آمنين مطمئنين ، مصداقا لما أخبر الله به في القرآن الكريم.
(لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ ، مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ، لا تَخافُونَ).
ليكون في هذا ما يدل كل ذي عقل على أن هذا القرآن إنما هو من عند