بها ، لضعف جاذبيتها ، ولصارت درجة الحرارة فيها بالغة حد الموت بالبرودة ولو تضاعف قطرها الحالي ، لزادت جاذبيتها للأجسام إلى الضعف مما هي عليه الآن. ولا نكمش الغلاف الغازي الذي يحيط بها ويحفظها من الشهب ، ولزاد الضغط الجوي على كل بوصة مربعة من خمسة عشر رطلا إلى ثلاثين رطلا من الضغط الجوي ، مما يترتب عليه أسوأ الأثر على الحياة ، إذ يتضاءل حجم الإنسان حتى يصير بحجم السنجاب ، ولتعذرت الحياة الفكرية.
ولو بعدت الشمس إلى ضعف بعدها الحالي لنقصت كمية الحرارة التي تتلقاها من الشمس إلى ربع كميتها الحالية ، ولطالت دورتها حول الشمس ، ولنتج عن ذلك طول فصل الشتاء ، وتجمدت الكائنات الحية على سطحها.
ولو نقصت المسافة إلى نصف ما هي عليه الآن لكان الأمر على العكس ، إذ يقصر زمن الشتاء ، وتزداد الحرارة لدرجة تستحيل معها الحياة.
ولو كانت القشرة الأرضية أكثر سمكا مما هي عليه الآن بمقدار عشرة أقدام ، لما وجد الأوكسجين ، إذ أن القشرة الأرضية تمتصه ، وبدونه لا تدوم الحياة.
وكذلك لو زاد عمق المحيطات والبحار بضعة أقدام عما هي عليه الآن ، لانجذب ثاني أكسيد الكربون والأوكسجين حتى يمتصهما الماء ، ولاستحال وجود النبات على الأرض علاوة عن وجود الحياة.
وهذا الذي نذكره عن الأرض ، نذكره عن كل ما هو موجود في هذا الكون ، من إنسان وحيوان ونبات وجماد.
إذن فلم يخلق شيء في هذا الكون عبثا ، وكل شيء فيه مقدر بمقدار دقيق ، يضمن التوازن في الحياة والاستقرار عليها.
وهذا ما أشارت إليه آيات القرآن الكريم في الزمن الذي كان الإنسان لا يعرف فيه شيئا عن هذا التوازن الدقيق المدهش العجيب ، وفي معظم جوانب الحياة.