وهل هذا كل ما في الأمر بالنسبة للأزواج ..؟.
الجواب : لا ....
لم يقف الأمر عند ذلك الحد الذي ذكرناه ، وذلك لأنه وضع أيدينا على سر جديد ، وهو : أن هذا الكون في أرضه ، وسمائه ، وجزئياته ، وذراته ، ليس في الحقيقة إلا طاقة اتخذت صورة المادة بجسيماتها وذراتها ، وأن هذه الجسيمات حينما تجسدت تجسدت على شكل زوجين ، ولم تتشكل مفردة.
«فمولد أو خلق الزوجين اللذين ظهرا على ألواح اندرسون ، لم يظهرا من عدم ، بل كان من وراء تخليقهما طاقة ، أو ومضة ضوئية ، وهذه الومضة تنطلق على هيئة موجة ، وتجري في الكون بسرعة الضوء ١٨٦ ألف ميل في الثانية.
والواقع أن هذا الكون ـ على قدر ما نعرفه الآن ـ له مظهران ، فهو أحيانا ندركه أو يظهر لنا على شكل موجة ، وهذه الموجة لا زمان لها ولا مكان ـ أي في المقاييس الرياضية الحسية ـ وأحيانا أخرى قد تتخلى الموجة أو الطاقة عن صفتها الطليقة المتحررة وتتجسد على هيئة مادة كجسيمات ذرية ، وهي في هذه الحالة تأتي على قانون الله الأزلي في الخلق زوجين زوجين.
وفي المفاعلات النووية الجبارة يعيش العلماء مع خلق الأزواج ليل نهار ، وفيها يسجلون تجسيد الطاقات أو الموجات على هيئة جسيمات كثيرة ، وعلى الألواح الحساسة ، أو في غرف الفيوم ـ التي توضح بداية خلق الأزواج ـ يسجل العلماء مولد الإليكترون ونقيضه ، أو البروتون ونقيضه ، أو النيوترون ونقيضه.
ثم إن هناك جسيمات ذرية أخرى كثيرة ، وهي غير الجسيمات الأساسية الأولية الثلاثة التي ذكرناها ، فما من جسيم منها يتجسد ـ صغر شأنه أو كبر ـ إلا ويظهر معه في نفس اللحظة نقيضه.
ثم إنه في كل حالة من هذه الحالات يظهر الزوجان ويتخلقان أمام أعين العلماء ، لكن الشيء المثير هو أن النقيض لا يمكن أن يعيش في مكان واحد مع نقيضه.