فإذا تقابل اليكترون مع اليكترون نقيض ، فلا بد أن يزولا ، ويتخليا عن تجسدهما المادي ، ويعودا إلى سيرتهما الأولى ، أي إلى موجات متحررة» (١).
والشيء الذي يعتبر أكثر إثارة ودهشة أن لكل شيء في هذا الكون نقيضا ، ما عدا شيئا واحدا ، ألا وهو الطاقة ، أو الموجة المتحررة ، أو النور ، فلا نقيض له ، وإنما تظهر النقائض فقط عند ما تتجسد هذه الموجة ، أو هذا النور ، أو تلك الطاقة ، ويؤدي إلى خلق الزوجين.
لما ذا وكيف ..؟ لا أحد يدري.
فطبيعة الكون تضع أمامنا حقائق الوجود بصورة مثيرة ، فبداية الخلق أزواج ، والأزواج جسيمات ، أو هي تجسيد لطاقة ، أو ومضة ، أو نور ، خذ منها ما تشاء ، فلا أحد يستطيع هنا أن يؤكد أمرا أو يحدد شيئا. كما يقول الدكتور عبد المحسن صالح في بحثه عن الأزواج ـ وكلما تعمقنا في طبائع الأشياء ، وظننا أنا قد وصلنا فيها إلى قرار أشاحت الحقيقة بوجهها ، وتجلت لنا أكثر إثارة ، ووضعتنا في مآزق فكرية جديدة.
إن الذي نعرفه حقا أن المادة تجسيد لطاقة أو قوة ، وهذه الطاقة وراء حدود العقل والخيال ، وأن هذه الطاقة المتجسدة تتجسد أمام أعيننا أزواجا أزواجا.
ولكن ما ذا يعني هذا ... إنه يعني وبكل ثقة ما أخبر الله عنه قبل قرون طويلة مما يدل على عظمته وعلمه وقدرته ، ومما يدلنا دلالة قاطعة على أن هذا القرآن كلامه ووحيه.
إنه يعني قوله تعالى : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
كما يعني قوله : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها ، مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ، وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ).
ولكن هل هذا كل ما في الأمر ..؟.
__________________
(١) المرجع السابق : د. عبد المحسن صالح.