الكون بأسره ، من الأرض ، والنجوم ، والكواكب ، والمجرات ، إذ لا بد لها أن تكون أزواجا (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ).
وهذا يعني أيضا أن بناء الكون النقيض في ذراته لا بد أن يكون معكوسا أو نقيضا لبناء عالمنا الذري ، بما فيه من شموس وأقمار وكواكب.
ونحن لا يمكننا أن ندرك هذا ، ولا يمكننا أن نفرق مثلا بين النجم ونقيضه ، لأننا نراهما بواسطة الضوء الواصل إلينا منهما ، وقد ذكرنا أن النور لا نقيض له ، وإنما يظهر الزوج أو الجسم ونقيضه عند تجسد النور أو الطاقة.
ولكننا يمكننا أن ندرك النجم ونقيضه مثلا عند ما يقترب أحدهما من الآخر ويتلاحمان ، ويبدأ كل منهما بإفناء الآخر وتحويله إلى موجات ضوئية لا قبل للعقل بتصورها ، بل لا قبل للخيال بذلك.
وذلك ـ كما يقول العلماء ـ لو تقابل مثلا إنسان من عالمنا مع إنسان من العالم النقيض سيتحولان في لحظة خاطفة إلى طاقة ناتجة عن انفجار كوني جبار لا يقل عن الطاقة المتحررة من تفجير مائة ألف قنبلة من القنابل الهيدروجينية .. فكيف لو تقابل نجمان أو مجرتان .. إنه لا يمكن للعقل أن يتصور ما ذا سيحدث.
ومن أجل هذا كان هذا التباعد الهائل في الفضاء بين المجرات وعوالم هذا الكون الرهيب الرحيب ، فالمسافة بين هذه المجرات لا تقاس بالأميال ، ولا بملايين الأميال ، وإنما بملايين السنين الضوئية.
إن الذي دفع العلماء إلى هذا التفكير المثير في خلق الكون والكون النقيض إنما هو الواقع الذي رأوه في تجسيد الإليكترون والإليكترون النقيض ، وما قاموا به من تخليق ذرة الهيدروجين النقيضة ، وما إلى ذلك مما ذكرنا ، مع ما أصبح يقينيا عندهم من الوحدة في الخلق على كل المستويات ، والتي تستلزم وجود المادة والمادة النقيضة ، أو بعبارة أخرى أوضح في موضوعنا إلا وهي أنها تستلزم وجود الخلق أزواجا.