وقالوا : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) (١).
وقالوا : (أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) (٢).
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ ، وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ، فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً ، وَقالُوا : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٣).
و (قالَ الظَّالِمُونَ : إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) (٤).
إلى آيات كثيرة حكاها الله عنهم ، تزيد من أمر التحدّي ، وتدل على حيرتهم واضطرابهم أمام القرآن.
فإنهم ما فزعوا إلى ما فزعوا إليه من هذه الأقوال الباطلة المتناقضة ، إلّا لعجزهم عن معارضته والإتيان بمثله ، ولتنفير الناس منه ، وإبعادهم عنه.
ولو تمكّنوا من معارضة القرآن ، لما كانوا بحاجة إلى مثل هذه الأقوال ، ولكفتهم المعارضة في إبطال المعجزة عن مثل هذه التهم التي هذوا بها ، لا لتدل على بطلان المعجزة ، بل لتدل على عجزهم وانهيارهم.
محاولة المشركين في المعارضة :
لم يقف المشركون عند هذا الحد من الهذيان في التهم الباطلة ، بل حاولوا المعارضة وإبطال المعجزة بإيجاد التناقض في القرآن.
فلما نزل قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٥) شق ذلك على كفار قريش ، وقالوا : شتم آلهتنا ، ولجئوا إلى ابن الزّبعرى ، وكان من أشد الناس على النبي صلىاللهعليهوسلم قبل أن يسلم ، وكان من أشعر
__________________
(١) سورة الحجر : آية ٦.
(٢) سورة الصافات : آي ٣٦.
(٣) سورة الفرقان : آية ٤ ، ٥.
(٤) سورة الفرقان : آية ٨.
(٥) سورة الأنبياء : آية ٩٨.