قال : «إن الله خلق النساء أفواجا ، وجعل الرجال لهن أزواجا ، فينتجن لنا سخالا إنتاجا».
فقالت : أشهد أنك نبي (١).
إلى آخر ما نقل عن مسيلمة من مثل هذا الهزء ، مما لا داعي للإطالة به ، ومما يدل على فساده بنفسه.
ولذلك لم يشتغل الناس به ، ولم يلتفتوا إليه.
أين هذا الكلام من كلام الله الذي يكشف أسرار الكون ، ويزيل ألغاز الحياة ، ويضع للإنسان أعظم المبادي التي تضمن له السعادة والطمأنينة والاستقرار ، بأسلوب سبى العقول ، وأثر في القلوب ، وأذهل فحول الشعراء والبلغاء والعظماء ..؟!.
ولذلك روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه سأل أقواما قدموا عليه من بني حنيفة ، سألهم عما يقوله مسيلمة ، فحكوا له بعض ما ذكرناه عنه في الأسطر السابقة ، فقال رضي الله عنه : سبحان الله ، ويحكم إن هذا الكلام لم يخرج عن إلّ ، فأين كان يذهب بكم؟.
يريد بذلك أنه لم يخرج عن ربوبية.
لقد أدرك ـ رضي الله عنه ـ بسليقته العربية ، كما يدرك كل متذوق للغة ، أدرك أن هذا الكلام لا يمكن أن يخرج عن الربوبية ، لما فيه من الركة والسخف ، والعجز والضعف ..
أو يقال بعد هذا : إن القرآن عورض ..؟ اللهم لا ..
إلا أنه قد يقال : هب أن العرب قد عجزوا عن معارضة القرآن ، أو ليس من الممكن أن يكون غير العرب من الأمم الأخرى قد عارضوه ، ولا سيّما أنه لم يقصر التحدّي على العرب فقط ، بل كان شاملا لجميع من في الأرض؟.
__________________
(١) إعجاز القرآن للباقلاني ١ / ١٥٦.