مهاجرهم ، فتبعوهم إلى الحبشة ، يحرضون عليهم النجاشي ، ويطالبونه بتسليمهم.
وناصبوهم العداء بعد الهجرة إلى المدينة ، فشنوا عليهم الحروب والغارات ، حتى بلغت المواقع بينهم وبين المسلمين خمسا وسبعين موقعة كانوا حريصين فيها كل الحرص على القضاء على كل ما له علاقة بهذا الدين.
ورصدوا الجوائز العظيمة لمن يقتل محمدا صلىاللهعليهوسلم ، ورموه بكل عظيمة ، فرموه بالجنون ، ورموه بالسحر ، ورموه بالكهانة ، ورموا القرآن بأنه شعر ، وأنه أساطير الأولين اكتتبها ، وأنه يمليه عليه رجل ، إلى غير ذلك من الأقاويل والأباطيل التي حاولوها لتشويه القرآن.
أو يقال بعد هذا : إن البواعث والدواعي لم تتوفر ليثور الناس إلى المعارضة ، أو أن البواعث وجدت ، إلا أن العرب زهدوا فيها ، وأعرضوا عنها ..؟!.
إن من يشن الحرب ، ويستنفر كل ما لديه من قوة ، للوقوف في وجه القرآن ، والقضاء على الإسلام ، لا يمكن أن يلجأ إلى هذه الوسيلة التي يحتمل أن تذهب به ، إلا بعد العجز عما دونها من الوسائل والأسباب ، وما إعلان الحرب إلا الدليل الساطع ، والبرهان القاطع ، على اعترافهم بإعجاز القرآن وفشلهم في معارضته.
وأما الاحتمال الثالث ، وهو أن الله تعالى قد أعجزهم عن معارضة القرآن بتعطيل مواهبهم ، وإذهاب بلاغتهم ، فإنه لا يقل ركة وضعفا ، وسفسطة وسخفا ، عن الاحتمالين السابقين.
وذلك أن التحدي لم يكن موجها إلى جيل واحد من البشر ، وإنما هو موجه لكل أمة ، ولكل جيل ، في كل زمان ومكان ، فإذا كان هذا القائل قد يتبين له أن مواهب الأولين قد تعطلت عن المعارضة ، فلما ذا لم يعارضه أهل الجيل الثاني أو الثالث ، بل لما ذا لم يعارضه هو نفسه؟ ولا سيما أنه قد وجد في