معلول. نعم : قد تطلق الغاية على ما ينتهى إليه العقل ، وان لم يكن معلولا ولا مقصودا ، وأن لم يكن للفاعل قصد واختيار ، وبهذا الاعتبار أثبتوا للطبيعيات ، والاتفاقيات غايات ، وجعلوا من الغاية اتفاقية ، وهى ما لا يكون تأدى السبب إليه دائما ولا أكثريا).
يريد بيان علته الغائية دفعا لما يستبعد من كون المتأخر عن الشيء علة له. بمعنى كون غاية الشيء علة له إن ذلك الشيء يفتقر فى وجوده العينى إلى وجودها العقلى بواسطة (١) أنه يحتاج إلى عليته الفاعلية ، وهى (٢) فى كونها علة تحتاج إلي تصور الغائية ضرورة أن الفاعل ما لم يتصور ، وغاية ما لا يفعل ، إلا لغاية لم يفعله. ومن هاهنا قالوا : إن الغاية بماهيتها أى بصورتها الذهنية علة الفاعلية الفاعل ، وبانيتها أى هويتها الخارجية معلول للفاعل ، بل لمعلوله الّذي هو مآله الغاية ، فإن النجارية (٣) صور (٤) الجلوس على السرير ، فيوجده ، ثم يوجد الجلوس عليه ، وللقوم عبارة أخرى : وهو أن الغاية بالوجود الذهنى علة ، وبالوجود العينى معلول ، وهذا معنى قولهم : أول (٥) الفكر آخر العمل.
فإن قيل : الغاية قد لا تكون معلولا بل قديما كما يقال :
الواجب تعالى غاية الغايات ، وقد لا يكون مقصودا للفاعل ، وإن كان مختارا كالعثور على الكنز فى حفر البئر ، وقد لا يكون للفاعل قصد واختيار كغاية الحركات الغير الإرادية ، مثل الوصول إلى الأرض كهبوط الحجر.
قلنا : قد تطلق الغاية على ما ينتهي إليه (٦) الفعل ، وإن لم يكن مقصودا
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (بواسطة) وبدونها يضطرب المعنى.
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (كذلك) ولا معنى لها.
(٣) في (ب) النجار بدلا من (النجارية) وقد تكلمنا في الجزء الأول عن هذه الفرقة وراجع في ذلك التبصر (للسفاريني) والفرق بين الفرق للبغدادي ، والملل والنحل للشهرستاني.
(٤) في (ب) يتصور بدلا من (صور).
(٥) في (ب) قول بدلا من (أول).
(٦) في (ب) تقديم وتأخير حيث قال (الفعل إليه).