بهذا الكلام نفي إنسان آخر غير (١) زيد ، وعدد آخر فوق العشرة.
واعترض على تعريف المتغايرين بأنه ليس بجامع لأن العالم والصانع متغايران ، ولا يجوز انفكاكهما لامتناع وجود العالم بدون الصانع.
وأجاب الآمدي بأنه يكفي الانفكاك من جانب واحد (٢) ، وقد أمكن عدم العالم مع وجود الصانع.
ورد بأنه حينئذ لا يكون مانعا ، لأنه حينئذ (٣) يدخل فيه الجزء مع الكل ، والموصوف مع الصفة ، إذ يمكن وجود الجزء والموصوف مع عدم الكل والصفة وإن امتنع عكسه.
وأجاب بعضهم (٤). بأن المراد جواز الانفكاك من الجانبين ، لكن بحسب التعقل دون الخارج ، وكما يمكن أن يعقل وجود الصانع دون العالم ، كذلك يمكن أن يعقل وجود العالم ، ولا يعقل وجود الصانع ، بل يطلب بالبرهان ، وهذه العناية توافق ما نقل عن بعض المعتزلة أن الغيرين هما اللذان يصح أن يعلم أحدهما ويجهل الآخر ، ولفظ أحدهما لإبهامه كثيرا ما يقع موقع كل واحد منهما ، وما قيل إن الشيء قد يعلم من جهة دون جهة ، كالسواد يعلم أنه لون ، ويجهل أنه مستحيل البقاء ، فلو تغايرت الجهتان ، لزم كون العرض الواحد الغير المتجزئ شيئين متغايرين ، ليس بشيء لأن تغاير جهتي الشيء لا يستلزم تغايره في نفسه (٥).
فإن قيل : العالم من حيث إنه معلول ومصنوع للصانع ، لا يمكن أن يعقل بدونه ، فيلزم أن لا يكونا متغايرين.
قلنا : المعتبر في المغاير هو (٦) الانفكاك بحسب الذات والحقيقة ، ولا عبرة
__________________
(١) في (ب) عين بدلا من (غير)
(٢) سقط من (ب) لفظ (واحد).
(٣) سقط من (أ) لفظ (حينئذ).
(٤) في (ب) بعض منهم بدلا من (بعضهم).
(٥) في (ب) بزيادة لفظ (البتة).
(٦) في (ب) بإسقاط الضمير (هو).