وأما الثاني : فلأنه إن (١) أريد أن ذات الكثرة متقومة بذات الوحدة فممنوع ، إما بحسب الخارج فلأنهما اعتباران عقليان. وإما بحسب الذهن فلأنا نعقل الكثرة ، وهو كون الشيء بحيث ينقسم ، بدون تعقل الوحدة وهو كونه بحيث (٢) لا ينقسم ، وإن أريد أن معروض الكثرة متقوم بمعروض الوحدة ، بمعنى أن الكثير مؤلف (٣) يصدق على كل جزء منه ، أنه واحد وهذا معنى اجتماع الكثرة من الوحدات فمسلم ، لكنه لا ينافي التقابل الذاتي بين الوحدة والكثرة العارضتين ، بل معرضيهما ، ولا نزاع في ذلك ، ألا ترى أنهم اتفقوا على أن المتقابلين بالذات ، إذا أخذا مع الموضوع كالفرس ، واللافرس ، وكالبصير والأعمى ، وكالأب والابن ، وكالأسود والأبيض ، لم يكن (٤) تقابلهما بالذات ، فكيف إذا أخذ نفس الموضوعين.
فإن قيل : المراد الثاني ، وهو ينافي التقابل لأن كون أحد المعروضين مقوما بالآخر يستلزم اجتماعهما ضرورة اجتماع الكل والجزء وهو (٥) يستلزم اجتماع وصفيهما أو إمكانه لا أقل.
قلنا : ممنوع ، وإنما يلزم لو كان المعروضان في محل ، وهو ليس بلازم ، وإنما اللازم اجتماعهما في الوجود ، ولو سلم ، فالاجتماع في المحل. إنما ينافي جميع (٦) أقسام التقابل إذا كان بحسب الصدق ، أعني خمل الموطأة لا بحسب الوجود ، أعني حمل الاشتقاق لما ذكر في أساس المنطق ، من أن امتناع المتقابلين في موضوع واحد ، يعتبر في تقابل الإيجاب والسلب ، بحسب الصدق عليه ، وفي البواقي بحسب الوجود فيه ، كالأبيض الحلو ، فإن فيه البياض ، واللابياض ، لأن اللابياض مقول على الحلاوة
__________________
(١) في (ب) بزيادة لفظ (كان).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (بحيث).
(٣) في (ب) و (ج) فيكون بدلا من (مؤلف).
(٤) في (ج) فليس بدلا من (لم يكن).
(٥) في (ب) و (ج) وهذا بدلا من (وهو).
(٦) سقط من (أ) لفظ (جميع).