لكون إنزال الكتب ، وإرسال الرسل فرع كون الباري حيا سميعا بصيرا.
وبالجملة لما ثبت كونه حيا سميعا بصيرا ثبت (١) على قاعدة أصحابنا. له صفات قديمة : هي الحياة والسمع والبصر على ما بينا في العلم والقدرة.
فإن قيل : لو كان السمع والبصر قديمين ، لزم قدم كون المسموع والمبصر كذلك لامتناع السمع بدون المسموع والإبصار بدون المبصر.
قلنا : ممنوع لجواز أن يكون كل منهما صفة قديمة لها تعلقات حادثة كالعلم والقدرة ، ويمكن أن يجعل هذا شبهة من قبل المخالف ، بأنه لو كان فإما أن يكون السمع والبصر قديمين فيلزم قدم المسموع والمبصر أو حادثين فيلزم كونه محلا للحوادث وشبهة أخرى وهي أنه لو كان حيا سميعا بصيرا (٢) لكان جسما ، واللازم باطل. وجه اللزوم أن الحياة اعتدال نوعي للمزاج الحيواني على ما سبق ، أو صفة تتبعها مقتضية للحس والحركة الإرادية وقد عرفت أن المزاج من الكيفيات الجسمية ، وأن السمع والبصر وسائر الإحساسات تأثر للحواس عن المحسوسات ، أو حالة إدراكية تتبعه ، وليست الحواس الأقوى جسمانية.
والجواب : أنّا لا نسلم كون الحياة والسمع والبصر عبارة عما ذكرتم أو مشروطة به في الشاهد ، فضلا عن الغائب. غاية الأمر أنها في الشاهد تقارن ما ذكرتم ، ولا حجة على الاشتراط ، وقد تكلمنا على ذلك فيما سبق.
(قال :
على ما نقل عن الشيخ أن الإحساس علم بالمحسوس ، وإن كان نوعا آخر من العلم لا يلزم ثبوت صفة أخرى لجواز أن يكون الأنواع المختلفة هي التعليقات).
قال : وعلى ما نقل المشهور من مذهب الأشاعرة أن كلا من السمع والبصر صفة مغايرة للعلم ، إلا أن ذلك ليس بلازم على قاعدة الشيخ أبي الحسن في الإحساس من
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (ثبت).
(٢) سقط من (ب) من أول : (فإما أن يكون إلى : سميعا بصيرا).