وفيه نظر ، لأن الكلام فيمن وصل إليه (١) هذا الخبر ، وكلف التصديق به على التعيين وبعضهم بأن الإيمان في حق مثل أبي لهب هو التصديق بما عدا هذا الإخبار ، وهذا في غاية السقوط ، وقد يتمسك بمثل قوله تعالى حكاية : (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) (٢) ودلالتها إما على الجواز فظاهر ، وإما على الوقوع فلأنه إنما يستفاد في (٣) العادة عما وقع في الجملة لا عما أمكن ولم يقع أصلا.
والجواب : أن المراد به العوارض التي لا طاقة بها لا التكاليف.
قال (وأما نفي الغرض)
(فمن أدلة القوم ما يفيد لزوم النفي كقولهم لو كان فاعلا لغرض كان ناقصا في ذاته مستكملا بغيره. وقولهم قد ثبت استناد الكل إليه ابتداء من غير أن يكون البعض غرضا وتبعا للبعض ، ومنها ما يفيد نفي اللزوم كقولهم لا بد من الانتهاء إلا ما يكون البعض لغرض قطعا للسلسلة ، وقولهم لا يعقل في مثل تخليد الكفار نفع لأحد ، وهذا أقرب تعليل بعض الأفعال سيما شرعية الأحكام مما يشهد به النصوص ، ويكاد يقع عليه الإجماع وبه يثبت القياس).
ما ذهب إليه الأشاعرة أن أفعال الله تعالى ليست معللة بالأغراض ، يفهم من بعض أدلته عموم السلب ولزوم النفي بمعنى أنه يمتنع أن يكون شيء من أفعاله معللا بالغرض ، ومن بعضها سلب العموم ونفي اللزوم ،! بمعنى أن ذلك ليس بلازم في كل فعل فمن الأول وجهان :
أحدهما : لو كان الباري فاعلا لغرض لكان ناقصا في ذاته مستكملا بتحصيل ذلك الغرض ، لأنه لا بد في الغرض من أن يكون وجوده أصلح للفاعل من عدمه ، وهو معنى الكمال ، لا يقال لعل الغرض يعود إلى الغير فلا تتم الملازمة. لأنا نقول : وحصول ذلك الغرض للغير لا بد أن يكون أصلح للفاعل من عدمه ، وإلا لم يصلح
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (إليه).
(٢) سورة البقرة آية رقم ٢٨٨.
(٣) في (أ) يستعاذ بدلا من (يستفاد).