غرضا لفعله ضرورة ، وحينئذ يعود الإلزام ، وردّ بمنع الضرورة ، بل يكفي مجرد كونه أصلح للغير.
وثانيهما : لو كان شيء من الممكنات غرضا لفعل الباري لما كان حاصلا بخلقه ابتداء بل بتبعية ذلك الفعل وتوسطه لأن ذلك (١) معنى الغرض واللازم باطل لما ثبت من استناد الكل إليه ابتداء من غير أن يكون البعض أولى بالغرضية والتبعية من البعض ، لا يقال معنى استناد الكل إليه ابتداء أنه الموجد بالاستقلال لكل ممكن لا أن يوجد ممكنا. وذلك الممكن ممكنا آخر على ما يراه الفلاسفة. وهذا لا ينافي توقف تحصيل البعض على البعض كالحركة على الجسم ، والوصول إلى المنتهى على الحركة ونحو ذلك ما لا يحصى. لأنا نقول الذي يصلح أن يكون غرضا لفعله ليس إلا إيصال اللذة إلى العبد ، وهو مقدور له تعالى من غير شيء من الوسائط. وردّ بعد تسليم انحصار الغرض فيما ذكر بأن إيصال بعض اللذات قد لا يمكن إلا بخلق وسائط كالإحساس ، ووجود ما يلتذ به ونحو ذلك.
ومن الثاني وجهان : أحدهما أنه لا بد من انقطاع السلسلة إلى ما يكون (٢) غرضا ، ولا يكون لغرض ، فلا يصح القول بلزوم الغرض وعمومه. وثانيهما أن مثل تخليد الكفار في النار لا يعقل فيه نفع لأحد ، والحق أن تعليل بعض الأفعال لا سيما (٣) شرعية الأحكام (٤) بالحكم والمصالح ظاهر كإيجاب الحدود ، والكفارات ، وتحريم المسكرات وما أشبه ذلك ، والنصوص أيضا شاهدة بذلك كقوله تعالى (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٥) و (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) (٦) الآية (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) (٧) الآية ولهذا
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (ذلك).
(٢) في (ب) أن بدلا من (إلى).
(٣) في (ب) بزيادة لفظ (لا).
(٤) في (أ) بزيادة لفظ (الأحكام).
(٥) سورة الذاريات آية رقم ٥٦.
(٦) سورة المائدة آية رقم ٣٢.
(٧) سورة الأحزاب آية رقم ٣٧.