كان القياس حجة إلا عند شرذمة لا يعتد بهم ، وأما تعميم ذلك بأن (١) لا يخلو فعل من أفعاله عن غرص فمحل بحث.
(قال (خاتمة) ذهبت المعتزلة إلى أن الغرض من التكليف.
هو التعريض للثواب فإنه لا يحسن بدون الاستحقاق الحاصل بالمشاق ويدل عليه وجوه :
الأول : مثل قوله تعالى (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ) (٢) الآية.
الثاني : أنه لا غرض سواء إجماعا لأنهم لا يثبتون الغرض ونحن ننفى غيره فتعين.
الثالث : أن التكليف بالمشاق إضرار وهو بدون استحقاق ، ولا منفعة ظلم ، فيكون التعريض للمنفعة هو الجهة المحسنة.
وردّ بأن المترتب قد يكون فضلا من الله تعالى لا أثرا لما ترتب عليه ، وكيف يعقل استحقاق النعيم الدائم بمجرد كلمة وتصديق فيمن آمن فمات.
ولا نسلم الإجماع على أنه لا غرض سواه ، فقيل الابتلاء ، وقيل الشكر ، وقيل حفظ النظام ، وقيل أمر لا طريق إليه للعقل.
ولو سلم فلا يفيد كونه الغرض إلا بعد ثبوت لزوم الغرض ولم يثبت).
ولو بالنسبة إلى من مات على الكفر أو الفسق هو التعريض للثواب أعني منافع كثيرة دائمة خالصة مع السرور والتعظيم ، فإن ذلك لا يحسن بدون الاستحقاق ولا خفاء في أن للأفعال والتروك الشاقة تأثيرا في إثبات الاستحقاق بشهادة الآيات والأحاديث الدالة على ترتب الثواب. استحقاق التعظيم على تلك الأفعال والتروك ، (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) (٣) (ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ) (٤) (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
__________________
(١) في (ب) بأنه بدلا من (بان).
(٢) سورة النساء آية رقم ١٣.
(٣) سورة الفتح آية رقم ١٧.
(٤) سورة آل عمران آية ١٩٥.