أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١) إلى غير ذلك مما لا يحصى وبدلالة العقول.
أما أولا : فلأن الخالي عن الغرض عبث لا يصدر (٢) عن الحكيم (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) (٣) ولا غرض سوى ذلك إجماعا لأنا لا (٤) نثبت غيره ، والمخالف لا يثبت الغرض أصلا.
وأما ثانيا : فلأن العبث (٥) على أمر شاق بطريق الاستعلاء بحيث لو خولف ترتب عليه العقاب إضرار وإضرار غير المستحق لا لمنفعة ظلم يستحيل على الله تعالى ، فالتعريض لتلك المنافع ، والتمكين من اكتساب السعادة الأبدية هي الجهة المحسنة للتكليف ولا يبطل حسنه بتفويت الكافر والفاسق ذلك على نفسه بسوء اختياره.
وأجيب : أولا بأنا لا نسلّم أنه (٦) لا يحسن الثواب والتعظيم بدون الاستحقاق. أمّا على أنه لا يقبح من الله تعالى شيء فظاهر ، وأما على التنزل والقول بالقبح العقلي ، فلأن إفادة منفعة الغير من غير ضرر للمفيد ، ولا لغيره محض الكرم والحكمة ، وغلطهم إما نشأ من عدم التفرقة (٧) بين الاستحقاق الحاصل بالأعمال ، وبين كون المفاد والمنعم به لائقا بحال المنعم عليه. فإن إفادة ما لا ينبغي كتعظيم الصبيان والبهائم لا يعود جودا ولا يستحسن عقلا ، فتوهموا أن إيصال النعيم إلى غير من عمل الصالحات من هذا القبيل. ولا خفاء في أن هذا إما هو على تقدير التكليف (٨) ، وإما على (٩) تقدير عدمه وكون الإنسان غير مكلف بأمر ولا نهي. فكيف يتصور قبح إفاضة سرور دائم عليه من غير لحوق ضرر بالغير.
__________________
(١) سورة النحل آية رقم ٩٧.
(٢) في (ب) لا يصور وهو تحريف.
(٣) سورة المؤمنون آية رقم ١١٥.
(٤) في (ب) بزيادة (لا).
(٥) في (أ) البعث وهو تحريف.
(٦) في (أ) ثم بدلا من (نسلم).
(٧) في (أ) غير بدلا من (عدم).
(٨) في (أ) تقرير بدلا من (تقدير).
(٩) سقط من (أ) لفظ (على).