أن يكون الزمان قيدا للجلوس ، قولكم : لا يجري حينئذ إلّا استصحاب العدم دون الوجود غير مسلّم ؛ لأنّ الطبيعة المهملة أعني أصل الجلوس متّحدة مع المقيّد أعني الجلوس في ما قبل الزوال ، ضرورة كونها مقسما له ولغيره ، والمقسم متّحد وجودا مع كلّ واحد من أقسامه ، وعرض كلّ واحد منها يصحّ إضافته إليه على وجه الحقيقة من غير فرق بين الوجود والوجوب ، فكما إذا صار زيد موجودا يصحّ إضافة الوجود إلى أصل الإنسان ، كذلك لو اتّصف الجلوس المقيّد بكونه في ما قبل الزوال بالوجوب يصحّ إضافة الوجوب إلى أصل الجلوس ، ولا يعتنى مع ذلك بعدم وجود سائر الأفراد أو عدم وجوبها ، فلا يقال بواسطة ذلك : إنّ الطبيعة متّصفة بعدم الوجود أو عدم الوجوب ، وهذا واضح.
وعلى هذا يبتنى القول بالبراءة في الأقلّ والأكثر الارتباطيين.
وحينئذ فنقول : إذا حصل الزوال فالوجوب المتشخّص بكون منتهاه هو الزوال وإن علم بارتفاعه ، لكن يحتمل مقارنا لارتفاعه حدوث فرد آخر من الوجوب متشخّص بكون مبدئه ما بعد الزوال ، فإذا جاء هذا الاحتمال يصحّ أن يقال : إنّا نشكّ في بقاء أصل الوجوب فيكون مقتضى الاستصحاب بقائه ، وهذا من أفراد القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي ، وهو معارض باستصحاب عدم وجوب الجلوس المقيّد بكونه في ما بعد الزوال.
نعم لو قلنا بعدم جريان الاستصحاب في القسم الثالث من استصحاب الكلّي كما اختاره شيخنا المرتضى كان الاستصحاب الثاني بلا معارض ، فيستقيم كلام شيخنا في هذا الشقّ بناء على مختاره ثمّة.
وثانيا : نختار الشقّ الثاني أعني كون الزمان ظرفا ، قولكم : لا يجري حينئذ إلّا استصحاب الوجود دون العدم ، مخدوش بأنّ اعتبار الزمان في لسان الدليل ظرفا للجلوس لا يوجب إلّا عدم كون أثر الوجوب مرتّبا شرعا على الجلوس المقيّد