الجملة معلومة ، والباقي من الأطراف مشكوك ، فهذان الوجهان إن لم يلزم على أحدهما إشكال أمكن البناء على صحّة كليهما معا.
ولكن يرد على أوّلهما إشكال وهو أنّه قد مرّ منّا في البحث المتقدّم عن العلم الإجمالي أنّ المبنى في العلم الإجمالي وجهان : الأوّل أن يكون قضيّته موافقة التكليف بمقدار المعلوم الإجمالي ، والثاني أن يكون قضيّته ترك مخالفة التكليف بمقدار المعلوم الإجمالي.
فإن بنينا على الأوّل كان هذا الوجه صحيحا ، إذ للعبد أن يقول للمولى : لم يكن علي إلّا موافقة فرد واحد من خطاب : لا تأكل لحم الغنم الموطوءة ، واجتنابي عن لحم هذا الذي أخبر البيّنة بموطوئيّته أيضا موافقة لفرد واحد من هذا الخطاب بحكم حجيّة البيّنة.
وإن بنينا على الثاني فلا يستقيم هذا الوجه ؛ لأنّ الواجب على العبد ترك مخالفة فرد واحد من خطاب «لا تأكل لحم الغنم الموطوءة» وهذا لا يحصل بالاقتصار على ترك أكل لحم الغنم التي أخبر البيّنة بموطوئيّتها ؛ إذ لعلّ الغنم الموطوءة كان غيره ، فكان أكله مخالفة لهذا الخطاب ، وكان عقوبة المولى عليها صحيحة لمكان العلم الإجمالي ، فلا بدّ من الاجتناب عن جميع أفراد القطيع حتّى يحصل العلم بترك المخالفة ، وهذا الإشكال لا يجري على الوجه الثاني ؛ إذ عليه يصير العلم معدوما بالمرّة ومنحلّا رأسا.
ولكن يرد على الوجه الثاني إشكال آخر وهو أنّ هذا الوجه وإن كان مستقيما في الشبهة الحكميّة سواء كان قيام الطريق قبل العلم الإجمالي أم مقارنا له أم بعده ـ أمّا صورة القبليّة والمقارنة فواضح ، فإنّ قيام الطريق سبب لانحلال الإجمال ومانع عن تأثير العلم للتنجيز ، وأمّا صورة البعديّة مثل ما لو علم إجمالا بوجوب واحد من الظهر أو الجمعة ثمّ حصل الاطّلاع بعد يوم أو يومين مثلا على خبر صحيح بتعيين الظهر فلأنّ الاطلاع على هذا الطريق وإن كان حاصلا في الزمان المتأخّر ، إلّا أنّ حجيّته على المكلّف ثابتة من الأوّل، فإنّ المانع عن وصول