فافهم حتّى لا تشتبه في المراد ولا تورد أنّ السيرة العقلائيّة ليست إلّا على العمل ، فلعلّه كان لأجل المناط أو القضيّة الطبيعيّة لو كان لفظ في البين ، والكلام هنا مع قطع النظر عنهما ، فإنّ المقصود هنا استفادة الفرق من هذه السيرة بين «لا تنقض» وبين «صدّق العادل» وأنّ مفاد الأوّل هو الدوران مدار هذا العنوان ، وأمّا الثاني فمفاده بشهادة هذه القضيّة الارتكازية هو الأخذ بكلّ انكشاف كذلك من دون موضوعيّة لعنوان المخبر بهيّة أو المفاديّة أو المدلوليّة وأمثال ذلك ، ولا لعنوان ملازم المخبريّة أو لازمه أو ملزومه ، بل العنوان الموضوع في هذا الباب هو الانكشاف المذكور.
فيلزم على هذا في موارد اللوازم العقليّة والعاديّة والملزومات والملازمات كذلك تعلّق التنزيل أوّلا وابتداء بذلك الانكشاف الأخير ، لأنّه القابل للتعبّد من بين الانكشافات من دون حاجة إلى إجرائه في ما قبله.
وبعد ذلك نقول في المقام : إذا قال الشيخ : قال المفيد : قال الصدوق : قال الصفّار: قال العسكري عليهالسلام : صلاة الجمعة واجبة فلا نحتاج بعد إحراز أمرين أحدهما : وجود صدق في ذات كلّ من خبر المفيد والصدوق والصفّار ولو بنحو القضيّة التعليقيّة يعني: لو أخبروا فصدّقهم ، والآخر : إحراز عدالة هؤلاء ، وفي الحقيقة بعد إحراز الأوّل ، إذ الثاني موضوع للاوّل إلّا إلى تعبّد واحد بتصديق واحد ، إذ بعد ذلك نقول : خبر الشيخ محرز وجدانا وهو كاشف نوعا عن خبر المفيد ، وهكذا المكشوف النوعى كاشف نوعا عن خبر الصدوق إلى أن ينتهي إلى وجوب الجمعة.
فيحصل لنا انكشاف ناقص لوجوب صلاة الجمعة ، لأنّ الكاشف عن الكاشف كاشف ، والكشف الناقص كما في كلّ مقام يصير بواسطة «صدّق» تامّا ـ يعني