في مقام الامتثال ولو بالأمر الثاني أو الأخبار نحكم بكون الواجب توصليا ولو تنزلنا عن جميع ما تقدم نقول يمكن للمولى الوصول الى مقصوده بأن يقيد المأمور به بعدم الاتيان به بغير الدواعي القربية.
ان قلت : يلزم تحقق الامتثال فيما يؤتى بلا داع والعبادة مقومة بالقربة.
قلت : اولا لا يمكن تحقق الفعل الارادي بلا داع وهذا مجرد فرض وخيال.
وثانيا : يمكن تقييده ايضا بعدم الاتيان بلا داع فيرتفع الاشكال المذكور.
وربما يقال : ان مقتضي القاعدة الأولية الاتيان بالفعل بالداعي القربي وبعبارة اخرى : الاصل الاولي يقتضي التعبدية إلّا أن يقوم دليل على خلافه.
وذكرت في هذا المقام وجوه : الوجه الاول : ان الغرض من الأمر والبعث تحريك العبد نحو الفعل وحيث يحتمل ان الغرض لا يحصل إلّا فيما يؤتى بالعمل بالداعي القربي يجب قصد القربة كى يحصل غرض المولى.
ويرد عليه : اولا ان وظيفة العبد الاتيان بما امر به وليس اللازم عليه تحصيل غرض المولى ، فالميزان الاتيان بالمأمور به لا أزيد عن ذلك وثانيا : انه يلزم لو قصد القربة بأن أتى بالعمل لأجل كونه محبوبا للمولى لا يحصل الامتثال اذ يمكن أن يكون غرض المولى قائما بخصوص قصد الأمر.
وثالثا : ان غرض المولى من الأمر والتحريك اتمام الحجة على العبد وسد باب العدم من ناحية المولى ، وهذا يحصل بالأمر والتحريك والتشريع ، ولذا نرى ان غرض المولى حاصل في الأوامر التى يوجهها الى الكفار والعصاة ، فالغرض من الأمر اتمام الحجة وسد باب العدم من ناحيته وقطع عذر العبد.
لكن لا اشكال في ان غرض المولى من الأمر حصول الفعل المأمور به في الخارج.
وبعبارة اخرى : الداعي للأمر تحقق الفعل في الخارج فما دام لم يحصل