التدريج الى ان تبلغ درجة خاصة فاذا وصلت الى هذه الدرجة يتحقق الغليان فالاحراق شرط له وهو متقدم عليه زمانا فتقدم الشرط جائز في التكوينيات فما ظنك في التشريعيات؟
ويرد عليه : ان اجزاء العلة عبارة عن المقتضي والشرط وعدم المانع ومن الظاهر انه يلزم مقارنتها بتمامها مع المعلول مثلا العلة للحرقة الحادثة في الخشب النار وشرطها المماسة والمانع الرطوبة في المحل ومن الظاهر انه يلزم مقارنتها مع الحرقة وإلّا لا تحصل الحرقة في الخشب وان شئت قلت : المماسة التي تكون شرطا هي المماسة حين تحقق المعلول وايضا عدم الرطوبة الذي يكون لازما الحصة المقارنة وأما المتقدم من هذه الأجزاء أو المتأخر منها لا يكون دخيلا في حصول المعلول ، نعم بعض الأمور يكون معدا وبعبارة أخرى : قد يكون لحصول أمر في الخارج سلسلة امور بعضها مقدم على الآخر ويكون دخيلا في حصول ذلك الأمر لكن الكلام في العلة الاخيرة المؤثرة في المعلول ولا يعقل تقدم المقتضي بما هو على المعلول وكذلك الشرط وعدم المانع ، وصفوة القول : انه لا يعقل الانفصال بين أجزاء العلة ومعلولها لا بنحو التأخر ولا بنحو التقدم فما أفاده في الكفاية تام.
اذا عرفت ما تقدم فاعلم انه لا مجال لهذا البحث في المقام فان باب الأحكام الشرعية يغاير الأمور الخارجية التكوينية ولا مجال لقياس أحد المقامين على المقام الآخر فان الأمور الخارجية فيها التأثير والتأثر ولذا يكون لكل شيء علة وتلك العلة لها أجزاء وحيث ان التخلف بين العلة والمعلول امر غير معقول يصح أن يقال : الشرط المتأخر أمر غير معقول اذ كيف يمكن أن يتأخر الشرط عن المشروط والحال ان الشرط من أجزاء العلة ، وأما باب الأحكام فلا يكون كذلك فان الحكم الشرعي أمر اعتباري أمره وضعا ورفعا بيد المولى بجميع قيوده والبحث تارة يقع في شرائط الحكم تكليفا أو وضعا واخرى في شرائط المأمور به :