وما رواه زرارة ومحمد بن مسلم قالا : قلنا لأبي جعفر «عليهالسلام» : رجل صلي في السفر أربعا ، أيعيد أم لا؟ قال : ان كان قرئت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد ، وان لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه (١).
فوقع الاشكال في أنه كيف يجمع بين الأمرين اذ لو كان الواجب في حال الجهل هو الحكم الواقعي ولا يتغير بالجهل فكيف لا تجب الاعادة وان لم يكن الواقع محفوظا بحاله فما الوجه في العقاب.
ويمكن أن يجاب عن الاشكال بأنه يجوز أن يكون كل من الجهر والخفت في ظرف الجهل بالواقع ذا مصلحة بحيث اذا وجدت في الخارج لا يبقى مجال لتدارك المصلحة الفائتة ، وبعبارة اخرى : من الممكن ان صلاة القصر في حق المسافر الجاهل بوجوبه ذو مصلحة تامة كاملة ولكن لو صلى المكلف الجاهل تماما يدرك مقدارا من المصلحة والمقدار الباقي من الملاك ملزم لكن لا مجال لادراكه وكنا نمثل للمدعى بشخص ذي صداع وذي عطش فان المصلحة الملزمة تقتضي أن يشرب ماء الرمان لرفع صداعه وعطشه وأما اذا شرب الماء يزول عطشه ولا يزول وجع رأسه ولا يمكن بعد شرب الماء أن يشرب ماء الرمان لعدم قابلية المعدة لكلا الأمرين فاللازم في حق مثله أن يشرب من الأول ماء الرمان والمقام يمكن أن يكون من هذا القبيل وقد تقدم ان الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده كى يترتب عليه فساد ما أتى به مضافا الى ما قد مر من أن النهي الغيري لا يوجب الفساد اضف الى ذلك انه مع الغفلة لا يكون التكليف متوجها الى المكلف لكونه لغوا.
وأفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام ان التضاد بين الملاكات أمر بعيد بل تكاد تلحق بالعدم ولم يظهر لي ما رامه ، وصفوة القول : انا لا نرى مانعا عن كون ادراك
__________________
(١) الوسائل ، الباب ١٧ ، من ابواب صلاة المسافر ، الحديث : ٤