المذهب الثالث : ما اختاره صاحب الكفاية وهو ان الأمر باحد الأمرين ان كان بلحاظ انه هناك غرض واحد يقوم به كل واحد من الفعلين يكون في الحقيقة هو الجامع بينهما لأن الواحد لا يصدر إلّا عن الواحد فالغرض الواحد يكشف عن المؤثر الواحد وهو الواجب فيكون التخيير عقليا وأما ان كان الغرض متعددا لترتب كل من الغرضين على فعل بحيث لا يكون الجمع بين الغرضين ممكنا يكون التخيير شرعيا ، وبعبارة اخرى : يسقط الواجب بوجود واحد من الفعلين.
وأورد عليه سيدنا الاستاد بأن قانون ان الواحد لا يصدر إلّا عن الواحد وقاعدة عدم صدور الكثير عن الواحد يختصان بالواحد الشخصي ، وأما الواحد النوعي فلا يتم فيه البيان المذكور ولذا نرى ان الحرارة التي واحدة بالنوع تصدر عن النار تارة وعن الشمس اخرى وعن القوة الكهربائية ثالثة وعن الغضب رابعة وعن الحركة خامسة وهكذا ، وثانيا : لو فرض تمامية التقريب المذكور فانما يتم فيما يكون بين أفراد الواجب التخييري جامع حقيقي ويكون الأفراد جميعا داخلة تحت مقولة واحدة والحال ان الواجب التخييري ربما لا يكون كذلك ويكون كل فرد منه داخلا تحت مقوله مباينة لمقولة اخرى ومن الواضح ان المقولات متباينة ، وثالثا : فرضنا الجامع المذكور لكن الجامع بين أفراد الواجب هو الجامع العرفي القابل لأن يخاطب به وأما الجامع الدقي الفلسفي فهو غير قابل لان يخاطب به العرف والكلام في بيان الوجوب التخييري ، ورابعا : ان ما أفاده مخالف لظواهر الادلة فان الظاهر منها ان الواجب واحد من الأفراد لا كل واحد منها ، وخامسا : انه يمكن للمكلف أن يجمع بين التركين أو التروك فلا بد من كون عقابه متعددا.
وسادسا : ان عدم امكان الجمع بين الغرضين اما يختص بصورة تعاقب الفردين بأن يوجدا على التدريج وأما لا يختص بل يتضادان حتى في صورة أن يوجدا دفعة