فيما لو دار الأمر بين الواجب والحرام ، إذ الإباحة خلاف ما جاء به النبي (صلىاللهعليهوآله) قطعا.
قلت : أوّلا : لنا أن نلتزم بالتوقّف الذي قد تقدّم أنه أحد الاحتمالات الأربعة.
وثانيا : نمنع منافاة الحكم بالإباحة ظاهرا للتصديق الواجب بما جاء به النبي (صلىاللهعليهوآله) ، إذ لا نعني بالإباحة في الظاهر سوى أنّه لا حرج في فعله ولا في تركه ، وهذا ليس حكما مخالفا لما جاء به النبي (صلىاللهعليهوآله) بل هو بيان لعذر المكلف بالنسبة إلى الواقع المجهول ، وقد تقدّم سابقا أن الأحكام الظاهرية ليست بأحكام حقيقية بل هي أعذار للمكلّف حين الجهل بالأحكام ببيان مستوفى فراجع.
ونظير ما نحن فيه هو الحكم بالإباحة الظاهرية في الشبهات البدوية فإنّها ليست حكما حقيقيا لكي يلزم كون ذلك تشريعا في مقابل الحكم الواقعي إن كان بخلافها ، بل معنى الإباحة هناك أيضا نفي الحرج عن الفعل والترك ، ولو سلّم كون الأحكام الظاهرية أحكاما شرعية في مقابل الأحكام الواقعية لا منافاة أيضا بين الإباحة الظاهرية وكون الحكم في الواقع إما الوجوب أو الحرمة ، لاختلاف موضوع الحكمين على ما قرروه من أنّ موضوع الحكم الواقعي نفس الفعل أو الترك وموضوع الحكم الظاهري هو الفعل بوصف أنّه مجهول الحكم.
ولا يخفى أنّ القضية الأولى لو كانت ثابتة تنتج الوجه الرابع من الوجوه السابقة وهو الالتزام بأحد الاحتمالين إما الوجوب أو الحرمة احتياطا رجاء لكونه هو الواقع ، ضرورة كون الالتزام بالأحكام الواقعية مفصّلا على هذا التقدير من الأفعال الواجبة غاية الأمر أنّه من أفعال القلب ، وحيث علم بثبوت