كونها طبيعة ثالثة ، لأنها مرددة حينئذ بين الذكر والأنثى ، فيرجع الشك بالاخرة إلى الشكّ في مصداق المخصص فلا يرجع إلى العام.
قلت : بعد ملاحظة جميع أطراف الشك وانضمام الاحتمالات الحاصلة في الفرض بعضها مع بعض يرجع الشك إلى الشبهة الحكمية لا الموضوعية ، لأنّ ميزان الشبهة الموضوعية أن يكون الشكّ من جهة الجهل ببعض حالات المشكوك وخصوصياته الخارجية ، وفيما نحن فيه جميع خصوصيات الخنثى معلوم لنا ومع ذلك نشكّ في حكمها ، فمنشأ الشك ليس إلّا الشك في أصل التخصيص ينفيه أصالة عدم التخصيص ، والسرّ في ذلك أنّ مفهوم الرجل وكذا المرأة ليس مفهوما مبيّنا بجميع حدوده لأنّه مردد بين كونه ذا فرج واحد بشرط عدم الآخر أو لا بشرطه ، والقدر المتيقّن من له فرج واحد وهو القدر المتيقن من التخصيص فيبقى الباقي تحت عموم العام ، ونظير ما نحن فيه ما إذا ورد أكرم العلماء ولا تكرم فسّاقهم وشككنا في أنّ المصرّ على الصغيرة فاسق أو عادل أو واسطة بينهما لا هذا ولا ذاك ، ولا إشكال هنا في التمسك بعموم العام ، إذ الشك في زيادة التخصيص والأصل عدمها ، ويجري السرّ المذكور فيه أيضا لأنّ مرجع الشك إلى الشك في مفهوم المخصّص وإلّا فالمصداق مبيّن الحال أنه مرتكب الصغائر (١).
__________________
(١) أقول : لا يخفى أنّ لازم هذا البيان أن تكون الشبهة حكمية في الخنثى حتى مع العلم بعدم كونها طبيعة ثالثة في الصورة المفروضة للجهل بمفهوم المخصّص كما ذكر والمرجع أصالة العموم ، وقد أوردت ذلك على السيد الأستاذ (دام بقاه) والتزم به من غير إنكار ، لكن يمكن أن يقال لو فرض عدم كونها طبيعة ثالثة فالشبهة موضوعية قطعا ، لأنّ مرجع العام المخصص بإحدى الطائفتين إلى تعليق الحكم على عنوان الذكر والانثى أحدهما مستثنى والآخر مستثنى منه وأمر الخنثى مردّد بين اندراجه في عنوان الذكر أو في عنوان الأنثى ولا ينفعه أصالة عدم التخصيص.