بقي الكلام في تحقيق أنّ الخنثى طبيعة ثالثة أم داخلة في الذكر أو الأنثى ، الأقوى الأوّل لقضاء العرف بذلك وصحّة سلب كلّ من مفهومي الذكر والأنثى عنها ، وهو المحكّم في تشخيص الموضوعات التي قد علّق الأحكام عليها في لسان الأدلّة ، وما استدلّ به للأوّل من الحصر المستفاد من قوله تعالى : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ)(١) وغيره ممّا ذكره السيد المراغي في كتاب العناوين (٢) وغيره في غيره ، مدفوع بأنها محمولة على الغالب ، وكذا الاستدلال بما ورد في تشخيص الخنثى بعدّ الأضلاع ومن حيث يبول ومن حيث يسبق البول ومن حيث ينبعث في حكم الميراث يحمل على الإلحاق الحكمي ، ولعل المتأمّل المتتبع يجد ما ذكرنا بعد سبر سائر أدلتهم ، قد طوينا عن ذكرها والجواب عنها مخافة التطويل وأنّ محلّ المسألة في المباحث الفقهية لا الأصولية.
قوله : وحكم الكل يرجع إلى ما ذكرنا في الاشتباه المتعلّق بالمكلّف به (٣).
(١) وقد أضاف (قدسسره) في بعض النسخ قوله في اشتباه متعلق التكليف أو الاشتباه المتعلق بالمكلف به ، وهذا أوضح.
وتوضيح مراده : أنّه لا بد أن ينظر في خصوصيات موارد الأحكام المشكوكة ، فإن رجع إلى الشك في أصل التكليف يحكم بالبراءة ، وإن رجع إلى الشك في المكلف به يحكم بالاحتياط إن كان جميع الأطراف محلا للابتلاء وإلّا
__________________
(١) الشورى ٤٢ : ٤٩.
(٢) العناوين ١ : ٣٨.
(٣) فرائد الأصول ١ : ٩٩.