قوله : وقد أطالوا الكلام في النقض والإبرام في هذا المقام بما لا ثمرة مهمة في ذكره ، إلى آخره (١).
(١) فيه نظر ، إذ تظهر الثمرة فيما إذا دلّ دليل على حجية مطلق الظن أو ظن مخصوص كالظن الاستصحابي مثلا ، فعلى ما قرّرنا من الأصل فهو محكوم بهذا الدليل ، لأنّ موضوع ذاك الأصل فيما لم يرد دليل من الشارع على الحجية ، فإذا ورد دليل ولو كان في أدنى درجة الحجية ولو كان أصلا معتبرا ارتفع موضوع الأصل المذكور ، وهذا بخلاف ما لو كان حرمة العمل بالظن مستندا إلى ظواهر الآيات الناهية والأخبار فإنّه يحصل التعارض بينه وبين الظواهر ، وهذه ثمرة عظيمة ، وأيضا إطلاق ظواهر الألفاظ يشمل حال الانفتاح والانسداد قطعا بخلاف الأصل الذي قرّرنا فإنّ في شمولاه لحال الانسداد كلاما تقدم في الحاشية السابقة (٢) وأيضا يثمر على القول بأنّ الأصل إباحة العمل بالظن كما نسب إلى المحقق الكاظمي ، وعلى القول بعدم لزوم دفع الضرر الموهوم فتأمل.
وأما التكلم في دلالة الآيات والأخبار الناهية ومقدار دلالتها أو العدم فله محل آخر سيأتي من المصنف في مبحث التكلّم في حجية خبر الواحد.
نعم بقي هنا شيء مما يناسب المقام ، وهو أنّ مفاد الأدلة الناهية هل هو عدم الركون إلى الظن إذا لم يدل على حجيته دليل شرعي كما هو مفاد الأصل الذي قرّرنا ، بتقريب أنها دالة على عدم جواز الاعتماد على ما لا يفيد العلم ولا
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٣٣.
(٢) أقول : ولي فيه تأمّل ، لأنّه لو تمّت مقدمات الانسداد وثبتت حجية الظن مطلقا فهو وارد على الآيات الناهية أيضا كوروده على الأصل العقلي ، إذ لو لم يعمل بالظن حينئذ وجب العمل بمجرد الاحتمال ، وهو في قوّة العمل بالأصل يلزم منه الخروج من الدين ، بل هو أفحش من العمل بالأصل لأنّه عمل بالحجة بوجه بخلاف العمل بالاحتمال.