فالإشكال صعب مستصعب في غاية المتانة والدقّة.
بل يرد على ما ذكره المصنف في الجواب الثاني أمران آخران :
الأول : أن يقال عليه كما أنّك ترفع اليد عن شمول دليل حجية الظواهر للآيات الناهية لأنّها تمنع نفسها حتى يبقى الدليل سالما في الباقي ، كذلك يجب أن ترفع اليد عن شمول عموم النهي في الآيات الناهية لنفسها لاستلزام شمولها لنفسها انتفاءها ، وإذا لم تشمل نفسها لهذا المحذور يبقى مدلولها بالنسبة إلى غيرها سالما عن المنافي ، ويمكن أن يكون قول المصنف بعد الجواب الثاني إلّا أن يقال إنها لا تشمل أنفسها إلى آخره ، ناظرا إلى هذا الوجه لا إلى الانصراف ونحوه مما سبق وإن أمر بالتأمّل بعده.
الثاني : أن يقال يمكن قلب الكلام على المصنف بإخراج ما عدا ظواهر الآيات الناهية عن عموم دليل الحجية وإبقاء الآيات الناهية تحت العموم ، بتقريب التقرير الذي يقدّم استصحاب المانع على الاستصحاب الممنوع والظنّ المانع على الظن الممنوع على ما هو مقرّر في محلّه من جهة حكومة الاستصحاب المانع والظن المانع بلسانهما على الممنوع منهما ، فيبقى المانع تحت عموم الدليل المستلزم لخروج الممنوع عنه ، وهكذا نقول فيما نحن فيه إنّ ظواهر الآيات الناهية لأنّها بلسانها نافية لحجية سائر الظواهر حاكمة عليها ، فتبقى هي تحت دليل حجية الظواهر ويستلزم خروج سائر الظواهر عن عموم الدليل. ولكن الإنصاف أنّ هذا الوجه غير وارد ، لأنّ الآيات الناهية كما أنّها مانعة عن حجية غيرها من الظواهر كذلك مانعة عن حجية نفسها أيضا بلسان واحد ، فباعتبار أنّها مانعة عن نفسها يلزم من اعتبارها عدم اعتبارها ، فلا تبقى حجة حتى تكون حاكمة على غيرها من سائر الظواهر هذا ، ولهذا الإشكال