الأحكام فقط لا مطلقا حتى الموضوعات فإنّه لم يقل به أحد وإلّا يلزم دلالته على قبول شهادة الواحد في جميع الموضوعات.
وأما آية النبأ فقد أشار صاحب الفصول (قدسسره) إلى عدم شمولها للأخبار الحدسيّة بوجه آخر وهو عدم كونها مشمولة للنبإ المذكور في الآية ، إما لأنّ النبأ حقيقة في الاخبار عن الحسّ أو لانصرافه إليه ، ثم ضعّفه بقوله إن أريد أنّ النبأ لا يطلق إلّا على الأشياء التي من شأنها أن تدرك بالحسّ وإن أدركها المخبر بطريق الحدس وشبهه ، فهذا مما لا ينافي المقصود ، فإنّ المخبر عنه هنا قول المعصوم (عليهالسلام) أو فعله أو تقريره وهو أمر من شأنه أن يدرك بالحسّ وإن كان طريق الناقل إليه الحدس ، وإن أريد أنّه لا يطلق النبأ إلّا على ما كان علم المخبر به بطريق الحسّ فواضح الفساد ، للقطع بأنّ من أخبر عن إلهام أو وحي أو مزاولة بعض العلوم كعلم النجوم يعدّ منبأ ومخبرا ، قال الله تعالى حكاية عن عيسى (عليهالسلام) : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ)(١) ولا ريب أنّ إخباره لم يكن عن حسّ ، ومثله قوله تعالى في غير موضع : (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٢) فإنّ علمه تعالى ليس عن حسّ ، وقوله تعالى : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(٣) فإنّ كونه تعالى هو الغفور الرحيم ليس أمرا حسّيا ، وقوله تعالى : (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) بعد قوله : (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ)(٤) فإنّ التحريم ليس أمرا حسّيا ، إلى غير ذلك انتهى.
__________________
(١) آل عمران ٣ : ٤٩.
(٢) المائدة ٥ : ١٠٥.
(٣) الحجر ١٥ : ٤٩.
(٤) الأنعام ٦ : ١٤٣.