ولقد أجاد فيما أفاد ، ويؤيده ما ذكره في موضع آخر من أنّ الاستناد في الرواية كما يكون إلى الحسّ كذلك قد يكون إلى الحدس كما في المكاتبة والوجادة ، فبطل دعوى اختصاصها بالنوع الأول أي ما يستند إلى الحس ، انتهى.
وحاصله : أنّ جملة مما هو مشمول الآية بتسليم الخصم حدسي كالوجادة مثلا فإنّ الراوي الثاني بوجدانه الحديث في كتاب الراوي الأول ينبئ عنه ذلك الحديث مع أنّه لم يسمع منه بل علم بكونه روايته من العلم بكون الكتاب بخطّه وأنّه لا يودع في الكتاب إلّا ما سمعه من الإمام (عليهالسلام) فكأنّه حكى قوله (عليهالسلام). ولا يخفى أنّ الأمور المذكورة مستند الراوي الثاني وهي أمور حدسية ، وهكذا يكون بعينه الرواية المستندة إلى إجازة الراوي الأول رواية كتابه للراوي الثاني ، وكذا نقل الراوي الأول مضمون كلام الإمام (عليهالسلام) بالمعنى ، إلى غير ذلك من موارد الاخبار عن حدس.
وبالجملة : أنا لا نشك بملاحظة ما ذكر وغيره في عدم الفرق بين الاخبار عن حس وعن حدس على تقدير ثبوت حجية الخبر بأحد الأدلة المعهودة الآتية في محلّها ، هذا.
ولكن المصنف أعرض عن دعوى عدم شمول النبأ للاخبار عن حدس وضعا أو انصرافا وادّعى وجود القرينة في الآية على أنّ المراد بها إلغاء احتمال تعمّد الكذب فقط لا حجية قول العادل ، وبضميمة أصالة عدم خطأ العادل الثابت حجيته ببناء العقلاء ثبت حجية الخبر المستند إلى الحسّ فقط ، لعدم بناء العقلاء على إلغاء احتمال الخطأ عن المخبر في الحدسيّات ، وسيجيء ما فيه.