من اثنين منها ، ولم أجد من تعرّض لهذا القسم ، وقد مثل صاحب الفصول لتواتر المدلول الالتزامي بنظير ما مثله في المدلول التضمّني قال : وذلك كما لو أخبرنا مخبر بقطع عنق زيد وأخر بإحراقه وأخر بإلقائه من شاهق وأخر بإلقاء حجر عظيم عليه إلى غير ذلك من الأخبار بأسباب موته ، فيمكن أن يحصل لنا من تلك الأخبار العلم بموته الذي هو مدلولها الالتزامي وإن لم نقطع بشيء من تلك الأسباب بل جوّزنا موته بسبب آخر انتهى (١). ولا يخفى جريان وجه الشك هناك هاهنا أيضا.
وذكر في المناهج (٢) قسما آخر للمتواتر المعنوي تبعا لبعض الأعلام في حواشيه على شرح العضدي على ما حكاه هو وتبعه صاحب القوانين ، قال في المناهج : الخامس أن تذكر هذه الوقائع يعني وقائع شجاعة علي (عليهالسلام) ولكن لا بحيث تدلّ كلّ منها بخصوصه على الشجاعة مثل أنّ عليا (عليهالسلام) قتل في حرب كذا رجلين ، وقال آخر إنه قتل في حرب آخر رجالا ، وثالث أنه غلب على اثنين من محاربيه وهكذا ، فبعد ملاحظة المجموع يحصل العلم بأنّ ذلك ناش عن ملكة هي الشجاعة وليس محض الاتفاق أو مع الجبن أو لأجل القصاص ، وكذلك في السخاوة ، والقدر المشترك المعلوم من تلك الوقائع بالتضمّن ليس إلّا محض القتل والإعطاء وهو لا يفيد الشجاعة والسخاوة ، ولكن المعلوم من ملاحظة المجموع هو الملكتان. ويقرب منه كلام القوانين (٣) وجعلا كلام العضدي ناظرا إلى هذا القسم حيث قال : واعلم أنّ الواقعة الواحدة لا تتضمّن الشجاعة والسخاوة بل القدر المشترك الحاصل من الجزئيات ذلك
__________________
(١) الفصول الغروية : ٢٦٨.
(٢) مناهج الأحكام : ١٦٥.
(٣) قوانين الأصول : ٤٢٨.