قوله : فعن الرواية الأولى فبأنّها خبر واحد لا يجوز الاستدلال بها على المنع عن الخبر الواحد (١).
(١) يعني أنّه تمسك بما ليس حجة عند المستدل ، نعم يصح الاستدلال بالرواية إلزاما على الخصم وحينئذ فيجاب عنه :
أولا : بأنّ الخبر ضعيف لا حجية فيه عندنا.
وثانيا : على فرض كونه معتبرا لا يقاوم الأخبار الدالة على حجية خبر الواحد كما سيجيء.
وثالثا : أنّه عام يجب تخصيصه بغير خبر العادل في الفروع.
ورابعا : أنّ الأخذ بهذا الخبر مناف للأخذ بسائر الأخبار وبالعكس ، فيدور الأمر بالنسبة إلى عموم أدلة حجية الخبر الواحد بين أن يؤخذ بهذا الخبر ويطرح سائر الأخبار عملا بمدلول هذا الخبر أو يؤخذ بسائر الأخبار ويطرح هذا الخبر لأجل المنافاة ، ولا ريب أنّ الثاني أولى ، إذ اللازم على الأول أنّ الشارع أراد بيان عدم حجية الخبر الواحد لكن بهذا النحو أنه نصب الدليل على حجية الخبر لكي يؤخذ بهذا الخبر الذي يكون مدلوله عدم حجية الخبر ، وهذا أشبه شيء بالأكل من القفا ، بل لا يصدر مثل هذا الكلام عن عاقل فضلا عن الشارع.
وخامسا : أنّ نفس هذا الخبر أيضا في عرض سائر الأخبار ليس من المعلومات ، فبمقتضى مدلوله ليس بحجة ، فهو ينفي نفسه ويبقى دليل حجية الخبر بالنسبة إلى سائر الأخبار سليما.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٢٤٦.