المعارضة ويكون محصّل التعليل أنّ ما لا يفيد الظنّ موجب لإصابة قوم بجهالة كخبر الفاسق فلهذا وجب تبيّنه وتحصيل الظن بصدقه ، وقد مرّ أنّ هذا أحد الوجوه الدالة على حجية خبر العادل.
وكيف كان فعدّ هذا الوجه جوابا عن إيراد المعارضة مع قطع النظر عن الجواب الآتي لا يخلو عن شيء ، إذ هو مبنيّ على أن تكون الجهالة التي يفهم بمقابلتها معنى التبيّن بمعنى السفاهة ، وعليه يسقط التعليل عن الدلالة على ما ينافي المفهوم كما لا يخفى.
قوله : بدليل قوله تعالى : (فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(١).
(١) لأنّ الندامة تساوق ملامة النفس على ما فعله ولا يكون إلّا إذا كان الفعل سفاهة لا مجرّد مخالفة الواقع لغرض الفاعل ، وإلّا فقد يحصل ذلك بمتابعة القطع إذا تبيّن أنّه جهل مركّب.
قوله : وفيه مضافا إلى كونه خلاف ظاهر لفظ الجهالة (٢).
(٢) نمنع كونه خلاف ظاهر لفظ الجهالة خصوصا بملاحظة ترتّب الندامة عليها ، وأما إقدام جماعة من العقلاء على مقتضى قول الوليد الفاسق فلعلّهم لم يعلموا بفسق الوليد أو غفلوا عنه أو استبعدوا كذبه في مثل ارتداد القوم وشبهها.
وكيف كان ، فقد مرّ أنّ التعليل بنفسه دليل على حجية قول العادل ومرّ تقريبه بما لا مزيد عليه ، فالآية دالّة على حجية خبر العادل بمفهوم الوصف أو الشرط وبعموم التعليل ، بل مقتضى التعليل حجيّة خبر الفاسق أيضا لو كان موثوقا به ، بل مطلق الظن الذي بناء العقلاء على متابعته ، فيخصّص بالتعليل
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٢٦١.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٢٦١.