التكليف لا يعتبر قبل التكليف ومع قطع النظر عن صدور هذا التكليف ، بل تكفي القدرة المتحقّقة عند الامتثال وإن كان نفس التكليف سببا لإيجاد القدرة للمكلّف عند العمل.
وبهذا يجاب عن الإشكال المعروف في تعلّق الأمر بالعبادات المأخوذة فيها قصد الأمر ، ولا ريب في عدم مقدورية العبادة بدون الأمر ومع قطع النظر عن الأمر فكيف يتعلّق به الأمر. تقرير الجواب : أنّه يكفي في صحّة التكليف أن يكون المكلّف قادرا على الفعل المأمور به عند إرادة الامتثال ، وهذا المعنى حاصل بعد صدور الأمر من الامر.
ونظيره أيضا أنّ الرجحان المعتبر في متعلّق النذر يمكن أن يحصل بنفس تعلّق النذر به ولا يلزم أن يكون متحققا قبل النذر ومع قطع النظر عن تعلّق النذر ، وعليه يحمل صحة نذر الصوم في السفر مع أنّه مرجوح بدون النذر ، غاية الأمر أنّا لا نحكم بالرجحان الكذائي إلّا بدليل كاشف عنه كما ورد في نذر الصوم في السفر.
إذا تمهّد ذلك فنقول : بعد فرض عدم اعتبار تقدّم الأثر على الحكم بوجوب ترتيبه بحكم المقدّمة المذكورة ، أنّ مفهوم الآية وجوب تصديق كلّ عادل يوجد في العالم قضية كلية ، ومعنى وجوب تصديقه تنزيل قوله منزلة الواقع في ترتيب الآثار الشرعية ، فإذا قال الشيخ حدّثني المفيد إلى آخره ، فمعنى وجوب تصديق خبر الشيخ الحكم بأنّ المفيد أخبره بحديث الصدوق إياه ، والمفيد أيضا عادل قد أخبر فيجب تصديقه بحكم القضية الكلية ، فأثر تصديق خبر الشيخ وجوب تصديق المفيد ، ولا محذور في ذلك سوى ما يتوهّم من اتحاد الحكم والأثر.