بدليل تعبّدي نحكم بالحجية أيضا بمقتضى دليل التعبّد.
وفيما نحن فيه كذلك فإنّ خبر الشيخ علمنا به وجدانا وخبر المفيد علمناه بواسطة التعبّد بخبر الشيخ ، فصار دليل الأصل والتنزيل شيئا واحدا ، والسر أنّ مفهوم الآية لسانه لسان التنزيل منزلة الواقع ، فإن كان المخبر به غير الخبر من مثل موت زيد وقيام عمرو يحكم بفرض المخبر به واقعا يعني ترتيب أثر الواقع عليه ، وإن كان المخبر به خبرا آخر فمعنى فرض ذلك الخبر واقعا ليس إلّا ترتيب أثر الخبر الواقعي عليه ، وليس إلّا وجوب تصديقه أيضا (١) ، هذا كلّه بناء على تقرير أصل الإشكال على الوجه الثاني.
وأما على تقريره على الوجه الثالث ، وهو لزوم تأخّر الموضوع عن شمول الحكم على تقدير حجيّة الخبر مع الواسطة أيضا فنقول : إنّ أصل إنشاء الحكم لا يتوقّف على أزيد من ملاحظة الموضوع تصويرا وجد مصاديقه في الخارج أو لم يوجد مصداق من مصاديقه ، وأمّا تعلّق الحكم في الخارج بالموضوعات فيمكن أن يكون تعلّقه ببعض الأفراد سببا لوجود فرد آخر من الموضوع تحقيقا أو تنزيلا ، وبعد وجود ذلك الفرد يتعلّق به الحكم ، فالحكم باعتبار تعلّقه الخارجي متأخّر عن موضوعه بحسب كل فرد فرد ، ولا يقدح تقدّم نوع الحكم على بعض أفراد الموضوع ، ففيما نحن فيه تتوقّف فردية خبر المفيد للموضوع العام على تعلّق الحكم بوجوب التصديق بخبر الشيخ ولا محذور في ذلك.
هذا تقرير الجواب الثاني بحسب النسخ القديمة التي ضرب عليه في
__________________
(١) أقول : ولا يذهب عليك أنّ هذا الكلام رجوع عمّا بنينا عليه أوّلا من تقرير الجواب على فرض تسليم الانصراف ، بل هو منع للانصراف بالمرّة فتدبّر.