مخالفته بأن لا يكون المكلف معذورا في المخالفة نسمّيه حكما منجّزا ، وإن كان بحيث لم يصح العقاب على المخالفة لأجل كون المكلف معذورا بالجهل أو غيره نسمّيه غير منجّز ، فالمقدمة الثالثة على ما قرر غير محتاج إليها.
وعلى هذا البيان كلّ خطاب مقتض للتنجيز إلّا أن يمنع مانع يكون ذلك عذرا للمكلف ، فإثبات وجود التكاليف الواقعية يكفي في تنجزها على المكلف إلى أن يحصل العلم بأنّ الشيء الفلاني كالجهل مثلا عذر للمكلف في عدم الامتثال فلا يصحّ عقابه.
قوله : أو ممن حكمه فيها الرجوع إلى أصالة العدم (١).
(١) قد عرفت أنّ هذا الكلام ناظر إلى عدم رفع الأحكام ظاهرا الذي يعبر عنه بالتنجّز ، لكن في الجملة بمعنى لزوم تعرضها بوجه من الوجوه المحتملة الآتية ، كما أنّ قوله قبيل ذلك : ونجعل أنفسنا في تلك الموارد ممن لا حكم عليه فيها كالأطفال والبهائم ، ناظر إلى عدم ارتفاع الأحكام الواقعية واقعا حال الانسداد بحيث يكون موضوع الأحكام الواقعية مقيدا بمن انفتح عنده باب العلم بها.
فإن قلت : ما الفرق بين أصالة العدم التي جعل المصنف عدم جواز الرجوع إليها في خلال المقدمة الثانية وبين سائر الأصول المقررة للجاهل ، وقد جعل عدم جواز الرجوع إليها مقدمة ثالثة ، مع أنّ أصل البراءة وأصل العدم أيضا من الأصول المقررة في مواردهما.
قلت : الفرق أنّ أصل العدم الذي أخذ عدم جواز الرجوع إليه في المقدمة
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٨٤.