ضمن مطالب :
المطلب الأول : في تحرير موضوع القاعدة ، اعلم أنّ لفظ الحرج والعسر والضيق والاصر الواقعة في الكتاب والسنة موضوعا للرفع متحدة المعنى أو متقاربة ، كما أنّ لفظ اليسر والسعة والسهل أيضا متحدة المعنى ظاهرا ، وقد وقع تفسير كل من الألفاظ الأربعة الأولة كالثلاثة الأخيرة أيضا بالآخر في كلام اللغويين ، ولا ريب أنّه يراد من الألفاظ الأربعة ما فوق اليسر ودون ما لا يطاق ، ولا يبعد أن يقال إنّ الضيق في العرف أخصّ من الكل وهو المرتبة العليا من العسر ، والحرج يشمل أدون منه ، والعسر يشمل أدون منهما أيضا فهو أعم الثلاثة ، ويرادف الاصر العسر ، ولا ينافي ذلك تفسير اللغويين بعضها ببعض لشيوع التفسير بالأعم بل الأخص في كلماتهم كما لا يخفى.
وكيف كان ، لا إشكال في إمكان التكاليف السهلة ووقوعها كما لا إشكال في عدم إمكان تكليف ما لا يطاق فضلا عن وقوعه على مذهب العدلية من قبح تكليف ما لا يطاق خلافا للأشاعرة ، وإنّما الإشكال في ثبوت التكاليف الشاقة غير البالغة حدّ ما لا يطاق الخارجة عن حد اليسر ، بعد عدم الإشكال في إمكانها وهو موضوع قاعدة الحرج.
المطلب الثاني : فيما استدل به لإثبات أصل القاعدة في الجملة ولو بالنسبة إلى أعلى مراتب المشقة فقط في مقابل قول الشيخ الحر في فصوله المهمة (١) بنفي القاعدة رأسا ، وتبعه في العوائد (٢) وإن لم نقل بحكومتها على العمومات المثبتة للتكاليف بل قلنا بتعارضها مع العمومات فإنّ لها مقاما آخر
__________________
(١) الفصول المهمة ١ : ٦٢٦.
(٢) عوائد الأيام : ١٨٧.