الظن المظنون الحجية وإن لم يدل دليل على تعيينه واقعا بمعنى الحكم بأنّ مجعول الشارع هو هذا لا غيره ، لكن العقل يحكم بوجوب الأخذ بالأرجح الكذائي ظاهرا فإنّه مقدم على التخيير الذي كان مقتضى القاعدة لو لا هذا المرجح ، إلّا أنّ ما يبعّد حمل كلامه على هذا المعنى الأمثلة التي ذكرها تقريبا لمرامه ، فإنّه يبعد أن يكون مراده بترجيح الألذ مثلا في المثال الثاني وجوب ترجيح الألذ بحكم العقل ولو ظاهرا ، وهكذا في باقي أمثلته التي ذكرها المصنف أو لم يذكرها (١).
قوله : أقول لا يخفى أنّه ليس المراد من أصل دليل الانسداد إلّا وجوب العمل بالظن ، إلى آخره (٢).
(١) لأنّ القائل يقول بالوجوب الظاهري وإن لم يعين به نفس المجعول الشرعي الواقعي ، بل قد عرفت سابقا أنّ الصحيح من تصوير وجه الكشف يقتضي هذا الوجوب الظاهري بحكم العقل ، ولذا قلنا إن تقرير الكشف لا بدّ أن يرجع إلى الحكومة بالاخرة فراجع.
قوله : ثم إنّ ما ذكره الأخير في مقدمته من أنّ الترجيح بلا مرجّح قبيح بل محال (٣).
(٢) التحقيق أنّه إن أريد من الترجيح بلا مرجح الترجيح بلا مصلحة مقتضية للترجيح فإنّه قبيح لا محال سواء كان في التكوينيات أو في التشريعيات ، إذ كما
__________________
(١) أقول : نمنع البعد في ذلك ، وإن منعنا حكم العقل المذكور فهو أمر آخر لا ينافي ما نحن بصدده من توجيه كلامه ، وعلى الحمل على هذا المعنى لا يرد ما أورد عليه المصنف في قوله أقول.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٤٨٤.
(٣) فرائد الأصول ١ : ٤٨٦.