أن إيجاب شيء بلا مصلحة مقتضية لوجوبه قبيح كذلك خلق شيء أو إيجاد فعل بلا مصلحة داعية إليه أيضا قبيح ولذا لا يصدر عن الحكيم خلافا للأشاعرة.
وإن أريد منه الترجيح بلا علة مقتضية للترجيح في نظر المرجح فإنّه محال على مذهب العدلية والمعتزلة سواء كان في التكوينيات أو في التشريعيات ، لأنّ اختيار أحد المتساويين دون الآخر من الفاعل المختار ممتنع مرجعه إلى الترجيح بلا مرجح المحال بالاتفاق على ما بيّن في محله خلافا للأشاعرة متمسكا بمثل قدحي عطشان ورغيفي الجائع وطريقي الهارب على ما هو مذكور مع جوابه في محله.
وبالجملة قوله : إنّ الترجيح بلا مرجح فإنّه مما يحكم بقبحه العقل والعرف والعادة بل يقولون بامتناعه الذاتي إلى آخره ، خلط كما ذكره المصنف ، لكن لا على الوجه الذي ذكره المصنف من الفرق بين التكوينيات والتشريعيات بل على ما حررناه من الفرق بين مقام الترجيح عن مصلحة والترجيح عن علة.
ولا يخفى أنّ ما جعله الفاضل النراقي تفسيرا للترجيح بلا مرجح من سكون النفس إلى أحد الطرفين والميل إليه من غير مرجح ، راجع إلى الترجيح عن علة مقتضية لاختيار الراجح بلا مرجح وهو من القسم المحال لا القبيح ولم يقل أحد بالقبح في هذا المقام.
ثم إنّ قوله : مما يحكم بقبحه العقل والعرف والعادة ، لا يخلو عن شيء من جهة ضم حكم العرف والعادة إلى حكم العقل ، فإنّ حكم العرف والعادة أجنبي عن المقام إن لم يرجع إلى حكم العقل ، فليتأمل.
قوله : فثبت مما ذكرنا أنّ تعيين الظن في الجملة من بين الظنون