ويتحدث القرآن الكريم في سورة سبأ المباركة عن الأب وابنه عليهماالسلام إذ يقول تعالى :
(وَلَقَدْ آتَينَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَالَنَّا لَهُ الحَديدَ* أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فىِ السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنّىِ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير* وَلِسُلَيْمانَ الرِّيْحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَواحُهَا شَهْرٌ وَاسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِاذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ* يَعْمَلُون لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَّحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ). (سبأ / ١٠ ـ ١٣)
إنّ القوّة الإدارية التي كان يتمتع بها سليمان عليهالسلام وشدة انضباطه في الأمور التنفيذية وإدارة البلاد ، كانت إلى درجة أنّه عندما قضى فيها نحبه وهو متكيء على عصاه (ولهذا السبب مات واقفاً) ، كان عماله من الجِن يؤدّون واجباتهم بمنتهى الدقة ، حتى أكلت دابة الأرض منسأته وسقط على الأرض ، كما جاء ذلك في القرآن الكريم :
(فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيهِ المَوتَ مَادَلَّهُم عَلَى مَوتِهِ إِلَّا دابَّةُ الأَرْضِ تَأكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَنْ لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ). (سبأ / ١٤)
وكل هذه الامور تحكي عن مدى الإدارة المحكمة والقوية لسليمان عليهالسلام وشدّة التزامه وانضباطه في العمل.
وكما يلاحظ في عالم الخلقة من أنّ المكلّفين من قبل الله تعالى بتنظيم وإدارة العالم في مختلف المجالات والمشار إليهم في القرآن الكريم : (وَالْمُدَبِّراتِ أَمْرَاً). (النازعات / ٥)
ووردت الكثير من الإشارات الاخرى أيضاً بشأن أعمال الملائكة في هذا المجال ، ففي عالم البشرية أيضاً لا يمكن اشاعة النظام وتنفيذ القوانين بدون جهازٍ تنفيذي قوي ومنظّم ومعتبر يتمّ فيه تقسيم الأعمال وتوزيع المسؤوليات.
ويتضح هذا الأمر بشكل جلي في كتاب الإمام علي عليهالسلام لمالك الاشتر رضى الله عنه الذي يضم النموذج الكامل للنظام التنفيذي من حيث كيفية ادارة الدولة.
فبعد أن يشير الإمام علي عليهالسلام في هذا الكتاب إلى مسألة المستشارين ينتقل للإشارة إلى