تمهيد :
بعد أن لاحظنا الصلة الوثيقة بين الإمامة والحكومة نتحول إلى مسألة مهمّة اخرى ألا وهي ضرورة وجود الحكومة للمجتمعات البشرية.
وكما يُبيّن لنا التاريخ ، أن هناك أنواعاً معينه من الحكومات في المجتمعات البشرية ، كحكومة القبيلة ، وحكومة الملوك والسلاطين ، والحكومات التي هي من النوع الذي نشهده في الوقت الحاضر ، ويعني ذلك أنّ البشر وعبر مراحله العلمية والثقافية يُدرك تماماً ضرورة وجود الحكومة ، ويعلم كذلك أنَّ الحياة الاجتماعية من دون تحكيم النظام والقانون لا يمكن إيجادها ولو ليوم واحد.
ولهذا السبب يمكن ملاحظة الهرج والمرج والشغب الذي يحدث بُعَيْدَ سقوط حكومة ما ، وحتى قيام حكومة اخرى ، حيث يبسط النظام الجديد ظلّه على الحياة ، فيحترق كل شيء ويتحول إلى رُكام.
لذا فلا يمكن لأي عاقل ان يشك في ضرورة وجود الحكومة للمجتمعات البشرية ، وقد وردت الكثير من الآيات والروايات الإسلامية التي تصرّح وتلمّح إلى هذا المعنى ، نذكر بعضها باختصار :
١ ـ في قصة بني اسرائيل نلاحظ أنّه وعلى أثر الفوضى الداخلية وغياب الحكم القوي قد أصابهم الضعف والانحطاط والهزيمة وتسلّط الأعداء عليهم ، فجاءوا إلى نبيّ لهم طالبين تعيين حاكم لهم حتى يتسنى لهم السير في طريق الله تحت إمرته ، يقول القرآن الكريم : (أَلَمْ تَرَ إلى المَلَإِ مِن بَنِى إِسرَائِيلَ مِن بَعدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبىٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً